تار منظمو مهرجان ميلبورن السينمائي الدولي الشريط الوثائقي الأسترالي مسروق "ستولن"، الذي يتطرق للعبودية والاتجار في البشر في مخيمات تندوف فوق التراب الجزائري، للعرض خلال دورة المهرجان، وذلك رغم محاولات خصوم المغرب منع عرضه لكونه لا يخدم أطروحاتهم الدعائية. ر المنظمون عرض الشريط يوم 31 يوليوز، حيث وافقت مؤسسة "سكرين استراليا" والحكومة الاسترالية على عرضه مثلما كان الحال خلال مهرجان سيدني السينمائي الشهر الماضي، إذ لقي إقبالا واسعا من لدن الجمهور والنقاد الذين اطلعوا على حجم معاناة الصحراويين المحتجزين في المخيمات، والذين يتعرضون لأبشع ممارسات الاستعباد من لدن جلادي البوليساريو وحماتهم من ضباط الأمن العسكري الجزائري.
وتجري دورة مهرجان ميلبورن السينمائي من 24 يوليوز الى غاية 9 غشت المقبل. ويتناول شريط "ستولن" (مسروق) لمخرجيه الأسترالية ذات الأصل البوليفي فيوليتا أيالا والأسترالي دان فولشو في 75 دقيقة، قصة سيزيفية من الاسترقاق وتجارة البشر في مخيمات تندوف، هي قصة فطيم سلام التي يعاد لم شملها على أمها امباركة التي لم ترها منذ ثلاثة عقود، بعد أن بيعت الإثنتان من طرف تجار النخاسة الذين يحكمون مخيمات تندوف.
وتقص امباركة في الفيلم الوثائقي، كيف أنها سقطت في استعباد رجل يعاملها كقنة، أنجبت منه بعض الأبناء، وقامت ابنته باستعباد ابنتها فطيم. ويقدم الفيلم عدة شهادات صادمة من بينها شهادة امرأة أظهرت أمام الكاميريا "صك" تحريرها من العبودية، وقالت "إذا تحدثت عن الاسترقاق تذهب الى السجن أو ببساطة تختفي من الوجود".
وعلى غرار الحملة الشعواء التي قاموا بها خلال عرض الشريط في مهرجان سيدني السينمائي العالمي، الذي اختتم في 14 يونيو الماضي، سعى الانفصاليون هذه المرة أيضا، ولكن بدون جدوى بمساعدة بعض داعميهم من اليسار الأسترالي وبعض النقابات، لوقف عرض الشريط بدعوى أنه مفبرك وغير واقعي.
ووصل مستوى الخنق الذي أحدثه هذا الشريط الشهادة عن ممارسات الاستعباد لجلادي البوليساريو بمراقبة وتشجيع عرابيهم الجزائريين، الذين لا يفوتون أية فرصة ممكنة لإغداق أموال الغاز والنفط الوفيرة، وشبكتها الدبلوماسية وعلاقاتها الدولية سعيا وراء السراب، الى استقدام بطلة الشريط من مخيمات تندوف الى سيدني ووضعها أمام الصحافيين والنقاد والجمهور الحاضر لتقول لهم بصوت خائف مذعور، "إنني أنا بطلة الفيلم الوثائقي، وقد كنت فقط أمثل".
وماتزال فاطم في أستراليا حاليا رفقة زوجها في انتظار قيامها بدور مماثل خلال مهرجان ميلبورن.
وكانت مخرجة الشريط إيالا قد تأسفت في ندوة صحافية حينها لما تعيشه فطيم من إرهاب على أيدي جلاديها الذين جلبوها الى أستراليا لتمثيل هذه المسرحية البائسة، وقالت "لقد تحدثت في الهاتف مع أمها وأخيها، وقالا لي إنها أجبرت على مغادرة المخيمات، لم نكن نريدها أن تغادر وتترك أبناءها، وعندما نتحدث إليها الآن لا نسمع سوى أصداء الخوف والهلع التي تسكنها، إنها خائفة للغاية ولا تستطيع الحديث".
كما دافع مسؤولو المهرجان والعاملون في صناعة السينما بأستراليا عن عرض الفيلم الوثاقي، وتأسفوا لعملية تسييسه الفاشلة، وقال مارك سارفاتي المدير التنفيذي لمهرجان سيدني السينمائي، إن "اختيار الفيلم للعرض كان ملائما، فليس من مهامنا لعب دور المقنن أو الرقيب".
هذا وأمام فشل كل مساعي الانفصاليين لوءد الشريط والحيلولة دون عرضه في أستراليا، قاموا خلال هذه المرة بإثارة ما أسموه عدم دقة الترجمة من اللغة الحسانية الى الإنجليزية.
لكن منتجي ومخرجي الفيلم لم يتزحزحوا قيد أنملة عن موقفهم الثابث من كون حقيقة ما اطلعوا عليه في مخيمات العار بتندوف يتمثل في وجود صحراويين جوعى مهمشين ومستعبدين من لدن زمرة من قطاع الطرق، بدعم من الأمن العسكري الجزائري الذي يوفر لهم الحماية.
وتصر فيوليتا مخرجة الفيلم والتي ذهبت الى مخيمات تندوف بدعم وتشجيع من مرتزقة البوليساريو، على إعادة سرد حكايتها حول رحلتها في المخيمات والواقع المرير الذي رصدته بالصوت والصورة، وتقول "لقد ذهبنا الى تندوف لانجاز شريط حول اللاجئين الصحراويين، كان البوليساريو يريده شريطا دعائيا لهم، لكننا اكتشفنا أشياء مختلفة تماما عما كنا نعتقد، أصبح ما اكتشفناه هو التحدي الحقيقي والموضوع البارز لشريطنا، وكانت أسوء الفترات هو ما عانيناه عندما اعتقلنا، وكنا مجبرين على إخفاء الأشرطة والتسجيلات في الصحراء، والبحث عن الشخص المناسب لإخراجها وتهريبها من هناك".
وتضيف أتذكر تلك الأيام وتنتابني القشعريرة "لقد توجهنا لإنجاز شريط حول المخيمات ووجدنا أن هؤلاء اللاجئين يعيشون في سجن سياسي".
وصل الأمر إلى احتجاز المخرجين لمدة ستة أيام في مخيمات تندوف إلى أن تمكنوا بمساعدة الأممالمتحدة والسفارة الأسترالية من الفرار إلى باريس، بعد أن قاموا بإخفاء الشريط المصور.
وعندما خرجنا وعدنا الى استراليا، تضيف فيوليا، شن البوليساريو حملة شعواء علينا، لحث المنتجين والسينما على منع استكمال الشريط، وكنا خائفين من إقدامهم على عملية سرقة للأشرطة.
لكنها لم تخف حاليا سرورها بنهاية هذا الكابوس، وتعد بمواصلة تقديم كل دعم ممكن للأسر المحتجزة في مخيمات العار فوق التراب الجزائري، وتقول إنني أعد بتخصيص 10 في المائة من مداخيل الفيلم والجوائز التي يحصل عليها لصندوق، خاص للمساعدة على إعادة توحيد الأسر التي تعيش التمييز والعبودية والاسترقاق في مخيمات تندوف، وإنشاء شبكة لدعم الأسر التي أطلق سراحها لاعادة تأهيلها.