المهدي محمد ذات غروب .. كنتِ آتية كالطّيف يُداهم وحْشَتي . ويُؤثث الزّمان كما يَشتهي لِيَزيد ابتهاجي و لَوعَتي . ذات غروب .. كنت كالصّيف يمحو آثار النّدوب من على وجنتي.. ويُذوِّب جذوة من هوىً مازال يُلهب حُرقتي . ذات غروب .. كان نجمُك يُعانق أَفلاكَ العاشقين وينتشي ثمِلا يغازل نجمتي . ذات غروب .. كان جَوادك مُسرجا بالشّوق يَرقُب انكسار جِيدك القرمزي على صهوتي . ذات غروب .. والشفق لاحَ، حين رسمتك .. وثغرك و الشفاه ترياق يؤجل موتي .. ويُلغي مراسيم جنازتي . ذات غروب .. أسلمتني الشمس خيوطها وسقتني راح الخلود، وقاسمتني سناء الحلول،
وشَطَحات جَذبتي . ذات غروب .. دثّرتني الرّيح من الرّيح، وأعارتني جواز الفَيَافي وهمهماتِ الغُيوم .. فكانتِ السّنابلُ بُرْدي والعواصف قُبّعتي . ذات غروب، ليس كالغروب، لَمْلَمْتُ انْشِطاري وَتَوَجُّسي.. وكان الأفق يوغل في الهروب، ويَنْثَني حَسيرا على مُقْلتي .. وأَقَمتُ بَيارقي، وأحرقتُ جَواز تَصَكُّعي وآثرت النِّزال صَونًا لماء الوجهِ، ومَددت أذرُعي مِلء المدى،