حينما تُلقي شمس الغروب حصيلة التعب اليومي، وتنثره على أهداب الكون ، وتسدل عيونها الحسيرة في ارتداد أنسجة النور المثقلة بآلاف الخيبات.. يَشتعل في الرأس هَمُّ اليومِ والغَد .. وتستدير الأحلامُ لتكتمل شطحاتها الآسرة ، ويُلقي الليل جُبَّتَهُ ليُخفِي تَرادُفَ الآهات . حينها تحْملُني أسراري مُرغماً إلى باحةِ النّور، وتُلَقِّنُنِي خطاب البَوحِ والعلَن.. "هيَ الأحلام كما الأشواق" همست في أذني برفق، وشدَتني نحو المدى المُتْرَعِ على الأفق القرمزي، وسلّمتني خيوط الشمس ، لأُلاَمِسَ سقْف السماء ، وأقبّل خَدّ الضيّاء.. بينما كان يُغريني التّيهُ ، ويمارس غوايته المُشتَهاةُ ، ويَعِدُني أن يجعل لي قصراً من رُخام ، وحورا كعين الشمس ، وأنهارا من مُدام .. لكن هي الأحلام كما الثورات حين هَمَّتْ ، جذبتني بعُنف المُحِبّ، وصَدَّتني أن أولّي الأدبار خائبا، وألقت بي في الزّحام ، وصاحت بي ملء الدُّنا : إلى الأمام ، إلى الأمام ...