يتردد في المشهد الإعلامي المحلي ، اسم لا يخلو من غرابة عند النطق " الرادوز" (R.A.D.O.S.E. ) ، يتعلق الأمر ب"شبكة الجمعيات التنموية بواحات الجنوب الشرقي بالمغرب " – Réseau des Associations de Développement des Oasis du Sud-est du Maroc وحسب ما هو معروض على الموقع الالكتروني الذي يحمل الاسم المذكور ، فهو تنظيم تم إنشاؤه يوم 22 يوليوز 2004 بالرشيدية ، من طرف 18 جمعية محلية ، صارت اليوم 46 جمعية ، دائما حسب الموقع. جميل ان تتأسس جمعيات محلية بهذا العدد في منطقة منسية كهاته ،إذا كان الحدث علامة على ارتقاء الوعي المحلي للإفراد ،لدرجة تجعلهم يتجاوزون الأنانية والانتهازية والوصولية المكتسحة في زمننا هذا ، ويلتقون ثم يتفقون على التعاون من اجل تحقيق أهداف جماعية لفائدة المجتمع المحلي ... وأجمل من ذلك أن ينجح مثل هذا العدد من الجمعيات المحلية في الالتقاء والتفاهم لتأسيس كيان أوسع من شانه إن يزيد من المصداقية إزاء الشركاء ، ومن الفعالية في الأداء، وترصيد المجهودات والتجارب .... لكن التساؤل المخيف الذي يفرض نفسه في السياق الذي ولد وترعرع فيه ما يسمى بالمجتمع المدني عندنا هو : هل القائمون على هذا التنظيم حركتهم وتحركهم كلهم بالفعل، هموم آلاف المواطنين المغلوبين ، والتطوع الصادق للمساعدة على تحقيق أسباب التنمية الجماعية المنشودة منذ فجر الاستقلال ؟ والذي يدفع إلى طرح هذا النوع من التساؤلات المتشائمة، هو ما يميز التنظيم المذكور من انغلاق وتعتيم على المعلومة الأساسية حوله : فرغم إن "الرادوز" انشأ موقعا الكترونيا على الانترنيت ، فإن ذلك يبدو عمل موضة أو بادرة تمويهية ، حيث أن المتتبع لا يستطيع معرفة الأشخاص والتشكيلة التي تسير التنظيم ، ولا النصوص التشريعية والتنظيمية التي تحكم وتضبط اشتغاله ، ولا تواريخ جموعه العامة وتجديد الأجهزة المسيرة له . كما إن هناك غيابا مريبا و ملفتا لكل إعلام يخص الموارد المالية التي يتم التوصل بها والتصرف فيها ، سواء في إطار البرامج التنموية الرسمية للدولة ، أو في إطار الشراكات المبرمة مع جهات خارجية متنوعة . في مثل هاته الأوضاع ، ألا يحق لأي مواطن يحمل صفة الانتماء الى واحات الجنوب الشرقي ، أن يشك وينساق مع الإشاعة ،ويعتبر هذا التنظيم نسخة من العديد من أمثاله عبر التراب الوطني ، إي جمعيات تتشكل بإيعاز وتوجيه من الموظفين الإداريين القابعين في المكاتب ، وتمر بين ايديهم البرامج والاعتمادات ، فينادون على من يثقون فيهم ويتفاهمون معهم ، لتقاسم الكعكة باسم البرامج التنموية التي "تفبرك" لها الوثائق المحاسبية والمالية المطلوبة داخليا وحتى خارجيا ؟ لذا ، بصفتنا من الكثير من الغافلين اواليقظين الصامتين ، نقول ل"قياد" المجتمع المدني بهذه الرقعة المنسية : برهنوا لسكان واحات الجنوب الشرقي الذين "ينسب" اليهم تنظيمكم ، بأن ما يحرككم هو خدمة الصالح العام ، وأنكم لستم جزءا من الشبكة المافيوزية الانتفاعية التي صنعها موظفو الإدارة المختبؤون في الظل عبر التراب الوطني ، ليستحوذوا على المال العام وغيره ، باسم "فعاليات المجتمع المدني" وذلك ب : * الاختيار بين مهمة الوظيفة العمومية التي تتقاضون عليها عشرة آلاف درهم شهريا فما فوق ، وتتخلفون عن القيام بها باستمرار، ضاربين عرض الحائط بالواجب الرسمي بعد الأخلاقي . اختاروا إذن بين الوظيفة والعمل الآخر المؤدى عنه بالتأكيد، وبسخاء لم يعد سرا على أحد . * إذا كنتم تؤمنون بمبادئ العمل الجمعوي قبل الانضباط لتشريعاته المسطرة في الجريدة الرسمية للمملكة، وتقتنعون بدور القدوة في تخليق الحياة العامة واجتثاث الفساد ، فالمفروض أن يعرف أقرانكم وغيرهم من سكان واحات الجنوب الشرقي، قوانينكم الأساسية والتنظيمية ، ويعلموا متى تعقدون جموعكم العامة وتجددون هياكلكم التسييرية ... بل ومدى التزامكم بالشفافية بخصوص مصادر تمويلكم والاعتمادات التي تتلقونها في إطار تمويل البرامج المختلفة التي توضع بين أيديكم ،ومجالات وطرق صرفها. * تخلوا ولو لمرة عن الأنشطة الاقصائية بطبيعتها ،والتي تجرونها بالفنادق الراقية ، ونظموا لقاءات مفتوحة مع الناس الذين تستمدون مشروعية وجودكم منهم . بهذا فقط ، يمكن إن تثبتوا أنكم لستم "ربيبا" طيعا للإدارة ، تتقاسمون معها المنافع ، في احتقار واستغفال واستبلاد للمحيط الذي يتابعكم .