يجيء طيفك مترعا بالوجع المترامي على كل الأطراف.. وينتصب قدّك مَمشوقا ،مُخضّبا بتباريحَ غائرةًَ في كل الأنحاء .. وأنا مُسَمَّرٌ، لا أُبالي بانصراف الأحقاب وتوالي الأجيال .. وحيدا أرقبُ تمدُّد الحُلم في عينيكَ، وانفلات المارد من القمقم .. ربما يأجوجُ ومأجوجُ قد حلاّ بيننا، وعادا ليمارسا هواية التخريب على وقع الخطابات ، وتبرير الزلاّت بقبح الأعذار ... أكلما عقَّ نسل بني صهيون ، أو شَذّّ ، استباح عرضنا المَصون على قارعة الطرقات .. وكان بيتنا ماخورا يتبول فيه حفيد خنزير، أوسليل قرد مخمور .. يقوده مخنث أو ديّوث من أبناء جلدتنا !؟ أو كلما نهق حمار في زريبة بعد طول رُقاد، أو أَزْبد حَدّ التُّخمة .. ألقى قذارة جوفه علينا دون حياء.. واستبق شكوانا بكل أساليب الحكمة و الواقعية.. كي لا نثير غضب ماما أمريكا يرعاها الله . أو كلما أوشك جاهل على التقاعد .. أو مدة صلاحيته واربت على الانقضاء، تولانا على رؤوس الأعيان بكل ما أوتي من فضل، وغالى في مُهور جوارينا، لكي لا يُتّهَمَ بالبخل!! بل وزايد علينا أقرانه إمعانا في عشقه لمُحَيّانا . أو كلما أصيب مهووس بمس الخلود.. مسح الشعب من ذاكرة الوطن .. وأبدلها ذاته الجليلة قدسها الله .... واختزل الوطن بين الأنا والأنا ، وجعل فجر التاريخ من بداية حكمه .. وكأن الله من أجل عيونه قد دحرج الأرض.. وجعل الجاذبية إليه تُشدُّ . فلا غرابة إن صار و الكرسي سيان.. أو صار هو الشعب هو الهواء و الماء، هو الأرض وهو السماء.. فسبحان الذي جعل في بلاد العرب آلهة تنازعه الملك ، وتذود عن عروشها بالبارود و السنان .. وتُبلي سوءَ البَلاء تقتيلا دون حياء، وتلقي بالشعب قربانا إلى آلهة الخلود . بل و تُقْسِمُ أن الوطن لن يستقيم من دونها.. لا الشعب ينبغي له الحكم ولا الله .. ولا العدل ينبغي له السيادة بل الطُّغيان ! فليدعي الحاكم بأمره ما يشاء.. وليُحكِم أسوار قصره بما يشاء.. سيبقى القول ما قال الشعبُ ، وما رسمته حِمَمُ البُركان ، سيرحل الطغاة ويبقى الإنسان.. سيرحل الطغاة وتبقى الأوطان .. هذي سنة الله في ملكه الذي لا يفنى ، بل الطغيان هو الفان.. فسبحان من جعل سنة الفناء في الأكوان .