تطورت وضعية النساء في المغرب منذ سنة 1990 ويتجلى ذلك في العديد من أوجه الحياة من ذلك تقلص فوارق نسب التمدرس ما بين الفتيات والفتيان في المجالين الحضري والقروي، وعلى مستوى عدد النساء النشيطات في مختلف القطاعات الاقتصادية والادارة العمومية، ومستوى تمكين النساء من المناصب العليا للمسؤولية ومصادر القرار السياسي والاقتصادي، والاندماج المتنامي للمرأة في مؤسسات السلطة التشريعية، بالإضافة الى تقليص التمييز القانوني، ومحاربة العنف ضد النساء. ويتجلى التحول الذي شهده المغرب من أجل ترسيخ مبادئ المساواة بين الجنسين واستقلالية النساء عبر إصدار مدونتي الأسرة والشغل والقانون الجنائي، واعداد برامج مكافحة الفقر والقضاء على العنف ضد النساء وتقليص الفوارق بين الجنسين على مستوى التعليم والصحة والشغل ومناصب اتخاذ القرار. ومن أبرز التحولات والإصلاحات التي شهدها المجتمع المغربي وأطلقها الملك محمد السادس منذ توليه العرش ما يتعلّق بقوانين الأسرة المغربية حيث تضمنت بنودا جديدة تمت المصادقة عليها من طرف البرلمان المغربي عام 2004، من أجل حماية حقوق المرأة والطفل ووضعية الأسرة ككل. وأبرز هذه البنود التي جاءت بها مدونة الأسرة المغربية: رفع سن الزواج إلى 18 عاما بالنسبة للزوجين، ووضع الطلاق تحت مراقبة القضاء، واستفادة المطلقة من الأموال المكتسبة أثناء الحياة الزوجية، وعدم زواج الرجل بثانية إلا بعد موافقة كتابية من الزوجة الأولى. كذلك اعتبار الولاية حقا للمرأة الرشيدة تمارسه حسب اختيارها ومصلحتها وعدم إجبار المرأة على الزواج وللمرأة الحرية في أن تفوض أبيها أو احد أقاربها حسب رغبتها وبذلك تم استبعاد مفهوم الوصاية في الولاية في الزواج بالنسبة للمرأة والذي يشكل في المدونة الحالية شرطا من شروط صحة عقد الزواج. وتتفق جمعيات ناشطة في مجال المرأة على كون مدونة الأسرة تعتبر مكسبا قانونيا كبيرا للمرأة خاصة والأسرة عامة، نظرا لما تتضمنه من قوانين ترمي إلى الحفاظ على مصالحهما، لكن هذه القوانين تحتاج إلى تفعيل بعض القرارات واحترام الآجال المحددة. كما كان للطفل دور هام في بنود المدونة حيث دعت إلى حماية حق الطفل في النسب، في حالة عدم توثيق عقد الزوجية لأسباب قاهرة، باعتماد المحكمة البيانات المقدمة في شأن إثبات البنوة، مع فتح مدة زمنية في خمس سنوات لحل القضايا العالقة في هذا المجال، رفعا للمعاناة والحرمان عن الأطفال في مثل هذه الحالة، مع اعتبار مصلحة الطفل في الحضانة من خلال تخويلها للأم ثم للأب ثم لأم الأم. فإن تعذر ذلك، فإن للقاضي أن يقرر إسناد الحضانة لأحد الأقارب الأكثر أهلية. كما تم جعل توفير سكن لائق للمحضون واجبا مستقلا عن بقية عناصر النفقة، مع الإسراع بالبت في القضايا المتعلقة بالنفقة في أجل أقصاه شهر واحد. وثمن العديد "ولادة" مدونة الأسرة، حيث اعتبرت بسيمة الحقاوي، رئيسة المجلس الإداري لمنظمة تجديد الوعي النسائي بالمغرب أنها مدونة تشتمل على مكاسب للأسرة كنواة رئيسية للمجتمع وللمرأة وللرجل أيضا. وأشارت الحقاوي إلى أن المدونة جاءت بمخرج هام في ما يخص إشكالية النفقة في حالة الطلاق من خلال الحديث عن صندوق للتكافل العائلي، مبرزة أنه لم يتم استحداث أي صندوق للتكافل في هذا الإطار لفائدة المرأة المطلقة وأبنائها، مما يعني أن المدونة تعاني من نقائص تتمثل في عدم احترام الآجال وأيضا عدم تنفيذ بعض الحلول المقترحة على أرض الواقع. ورأت الحقاوي أنه من بين الأمور الجديدة التي أتت بها تلك المدونة "توريث الحفيدة"، معتبرة أنه اجتهاد من العلماء وذوي الاختصاص، مضيفة أن اقتسام الأموال المكتسبة في الحياة الزوجية انفردت به مدونة الأسرة أيضا، غير أن الوثيقة المستقلة عن عقد الزواج التي طالبت بها المدونة في المادة 49 كضمان لهذا الإجراء، قليلا جدا ما يعمل به الأزواج بسبب سياق حدث الزواج وما يتضمنه من فرح وحسن نية لدى بداية الحياة الزوجية. وسجلت فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة التي تترأسها فوزية عسولي التطور المهم الحاصل في التعامل مع الإذن بزواج القاصر سواء من طرف وزارة العدل أو بالنسبة للمحاكم، باعتبار أن الوزارة أصبحت تتيح التعرف على الإحصائيات الرسمية المتعلقة بزواج القاصر مدققة من حيث جنس المعني بالأمر، رجل أو امرأة، وعدد الطلبات والمقبول منها والمرفوض ونسبة الزيادة أو الانخفاض بالنسبة للأذونات، والسن التي منح فيها الإذن، مما يسمح للمهتمين بقراءة ومتابعة مدققة للظاهرة ورصد مكامن الخلل إن وجدت. وقد تحقق التغيير المهم في قانون الأحوال الشخصية بعد سنوات من جهود حشد المؤازرة من أجل مساواة المرأة في الحقوق وفي القضايا التي تتعلق بالزواج والطلاق وقانون الجنسية إلى جانب هذه المكتسبات الاجتماعية دعت الحركة النسائية المغربية أيضا إلى مكافحة العنف ضد المرأة، ومكافحة التمييز، ونقص تمثيل المرأة في الحكومة والقطاع الاقتصادي، و محاربة الأمية والهدر المدرسي خاصة للفتيات. يعتبر العديد أن الملك محمد السادس راعى بإصلاحاته مقاييس القوانين الدولية مع بقائه كرئيس للعلماء في الإطار الإسلامي، فقد تمكن حسب رأيهم من إرضاء الجميع، حتى الإسلاميون الذين كانوا يرفضون اي تغيير. وكما قال متحدث عن حزب العدالة والتنمية "نحن موافقون على الإصلاحات لأنها تأسست على الإسلام" و"نقبل القانون الجديد لأن قاعدته العائلة وليست المرأة". يشار إلى أن قانون الأُسرة المغربي الذي يعود إلى عام 1957 كان قائما على تفسير المذهب السُني المالكي، فظلت المرأة المغربية قاصرا بحسب القانون، بالرغم من أن نساء المغرب قد حصلن منذ عام 1956 على حقي الترشيح والانتخاب وعلى حق التعليم المجاني الذي استفادت منه الكثيرات. ليلى الرحيوي المختصة بعلوم الاتصالات والناشطة السياسية في مجال حقوق الإنسان والتي نظمت منذ عام 2001 في كافة انحاء البلاد الرابطة المنادية بالنسوية "ربيع المساواة"، أوضحت أن مبدأ الزواج كان مبنياً على "مقايضة الطاعة بالإعالة"، ما يعني أن "على الرجل أن يكسب المال وعلى المرأة أن تُطيع، فإن لم تطِع فيحق للقاضي أن يطلقها في اي ظرف". رغم ما تحقق من انجازات لفائدة المرأة المغربية يرى البعض أن هناك قصورا في فهمها وهو ما يستوجب تكوين خلايا خاصة بالمرأة والأسرة لمزيد التعريف ببنود مدونة الأسرة في المغرب. ومن أبرز الهياكل الفاعلة في مجال المرأة بالمغرب اتحاد العمل النسائي الذي ركز نشاطه الذي بدأ عام 1987 على التوعية بحقوق المرأة وتفعيلها على الواجهة القانونية والسياسية والاجتماعية والتنموية من خلال 30 فرعًا في مختلف المدن المغربية. و تم تأسيس مركز النجدة لمناهضة العنف ضد النساء بكل من الرباط والدار البيضاء الذي يستقبل عددا هائلا من النساء اللاتي يطلبن الاستشارة والمساعدة القضائية في قضايا متعددة. ولمعالجة مظاهر العنف في المجتمع المغربي توصي الدكتورة شميسة الطوال منشطة التعليم غير النظامي وعضوة مكتب اتحاد العمل النسائي المغربي بضرورة إقامة محاكم رمزية سنويًّا لمحاكمة ظواهر معينة "العنف – الاغتصاب – الطلاق – تشغيل الفتيات كخادمات...". ويتميز "منتدى الزهراء" للمرأة المغربية بالطابع الحقوقي والثقافي منذ نشأته في مايو 2002، فيهتم المنتدى بقضايا المرأة والأسرة ويضم ممثلات عن مجموعة من الجمعيات النسوية ذات الأهداف المشتركة بهدف التعاون وضم جهود العاملات وتفعيلها من أجل المعالجة الشمولية لقضايا المرأة والأسرة، والنهوض بأوضاع المرأة المغربية في إطار الالتزام بثوابتنا الحضارية والتشبث بهويتنا الإسلامية، كما يهدف المنتدى لتقوية نسيج الأسرة المغربية باعتبارها المؤسسة التي تقوم بدور التنشئة الحضارية وترعى وتحفظ مصالح ومستقبل الأجيال.