في هذا الشهر المبارك تعطلت سيارتي في عمق الصحراء المفضية إلى ورزازات وكانت الطريق خالية على طول امتداد البصر من أية سيارة أو قافلة، أو بشر، والشمس من فوقي جاحظة أشعتها كأنها تقول لي: – أتحداك أن تبقى حيا تحت سقف سيارتك. أرغمت على المشي – وبما أني كنت صائما – لم تكن معي قطرة ماء، اتخذت طريقا مختصرا لأصل لورزازات التي كان خيالها يطل من بعيد على أمواج سراب، لكنني تهت بعدما غصت في سفوح تلال رملية تشابهت علي أشكالها تضامنا مع حرارة الشمس التي قررت أن تنال مني؛ إذا بخرت جل الماء الذي كان في قارورة جسمي وشققت شفتاي وسلخت كل الجلد المكشوف لعيونها الحارقة، أدركت أن ساعة موتي قد حلت إذ أصبت بدوار، وكدت أن أغيب عن الوجود؛ لولا حضور تلك المرأة السمراء التي لا أعلم إن كانت قد انبعثت من تحت الرمال أم هبطت من السماء، ناولتني قنينة ماء لما أمسكتها وجدتها باردة جدا، استجمعت قواي وقربتها من شفتي، لكني رمقت أن اليافطة الملصقة عليها كتب عليها " ماء سيدي علي " فطوحت بها بعيدا وصحت: – الضرورات لا تبيح إفشال المقاطعات. ومت شهيد المقطاعة بعدما دونت هذه الحكاية على جداري.