وسط موجة تصفيقات لا متناهية، وأصوات صاخبة يتردد صداها داخل الفضاء المغلق..، حشود بشرية جيء بها لتأثيث المكان، ترسم شارات نصر على أكفها ليكتمل المشهد. كاميرات هواتف مضيئة تنتشر كالفطر، وصور تلتقط ليطاف بها في أرجاء الكوكب الافتراضي. يعتلي المنصة وثقته في الجموع، قبل نفسه، تزداد مع احتدام الصراخ. يشرع في الكلام..، يعدل من نبرات صوته..، يرفعه قليلا..، أكثر فأكثر حتى تنتفخ أوداجه..، يتصبب عرقا..، يستعين بمناديل ورقية وضعت بعناية فائقة تحت تصرفه. تتطاول أعناق الحضور وتتمايل، حتى ليخيل إليك أن بعضها يعانق بعضا. بالفعل ها هو ذا يصل لذروة الانتشاء، فكلامه ينزلق من لسانه دون توقف، فنفسه طويل بطول لسانه، وحديثه حديث راوٍ متمرس لا يخلو من قفشات، وهو مرصع بحكم الأولين. لحظات من الفكاهة المسترسلة تنسيه سيف الوقت المسلط على الرقاب. فحينما يُطْلِق العنان للسانه، يُطَلِّق عقارب ساعته، أو بالأحرى يتخلى عنها عند أول درج بمنصة الخطابة. أيها السادة والسيدات؛ ها هو ذا الرجل الذي عجزت الأرحام أن تجود علينا بصنوه..، نبراس زمانه وفريد عصره..، مجدد نكت وأمثال قومه وعشيرته..، ينبوع الخطابة والارتجال. إنه يا سادتي الكرام؛ "الزعيم".