سلام على الوطن، و سلام على الرعاع الذين استوطنوه، سلام على الأحلام المجهضة، وسلام على الأحلام الراقدة في المهد. أنا هنا، لست ببعيد عنكم، ولا بقريب. أخبركم أنني لازلت على قيد الحياة، لازلت أتنفس مثلكم، أبكي مثلكم، أحلم مثلكم، أشتاق مثلكم،و أقاتل الزمن و الزمان مثلكم و لازلت أهرب مثلكم، أختبئ تارة و أواجه تارة، أهزم مرة و أنهزم مرات. أنا هنا، لست ببعيد عنكم، ولا بقريب. أنا الشاهد الأعمى على كل شيء، أنا بستاني المقابر، أنا الريح الذي لا تشتهيه السفن و أنا الشراع و الربان و القبطان و السفينة، أنا جرس الكنيسة و المحراب و حائط المبكى، أنا الكتاب و القلم معا. لازلت هنا، حيثما كان الفراق، و العناق و اللقاء.. أخبركم أيضا أنني وجدت الوطن ! نعم وجدت الوطن و أحببته ! وطن ليس كوطني الذي لعنني، وطن احتواني و ضمني و ربت على كتفي و اخبرني همسا أن كل شيء سيكون بخير. ابحثوا لكم عن وطن حيث تشعرون فيه بالدفئ فوطنكم لم يعد لكم. ابحثوا لكم عن حضن و احتلوه ! لتفهموا مثلي أن الوطن ليس ترابا، إنما الوطن روح تسكنوا اليها، إنما الوطن حضن، إنما الوطن نظرة حب، لمسة ود. ذاك هو الوطن ! فدمت لي يا وطني ..!