رغم أن مجموعة من المنابر الإعلامية حاولت تقديم السيد الوزير في الحكومة التي كانت ولادتها قيصرية بكونه رجل يشتغل على الملفات، وله قدرة كبيرة على التعامل مع المشاكل وإيجاد حلول لها، إلا أنه و بعد حديثه عن الانضباط ودعوة النقابات إلى مساعدته على جعل الأساتذة منضبطين، ثم حديثه عن الغربلة، يتضح التصور الذي يحمله سعادة السيد الوزير القادم من الداخلية إلى التربية والتعليم، تصور يحاول من خلاله التنصل من مسؤولية السياسات التعليمية التي انتهجت بالمملكة والتي كانت سببا رئيسيا فيما آل إليه الوضع التعليمي ببلادنا. إن تصريحات السيد الوزير كما يلاحظ تلقي باللوم على نساء و رجال الأسرة التعليمية بشكل كبير، وكأنهم هم سبب البلاء، في توجه واضح من السيد الوزير للتنصل من مسؤولياته في حالة لا قدر الله لم يستطع رفقة حكومته الخروج بالوضع التعليمي من عنق الزجاجة، ناسيا أو متناسيا أن نساء ورجال التعليم يعملون فقط على تنزيل المناهج والبرامج التي تحددها الوزارة وتعمل بواسطة مصالحها المركزية على بلورتها وتتبعها بواسطة لجان مركزية وجهوية وإقليمية. إن تصريحات السيد الوزير لم يكن هذا مقامها ووقتها بتاتا، كان بالأحرى بالسيد الوزير أن يبني جسور الثقة بينه وبين الموظفين التابعين لوزارته، كان بإمكان السيد الوزير أن يفتح ملفات الفساد الحقيقية التي وقف قضاة جطو عليها، ويحاسب من يعتقدون أنهم فوق المحاسبة وفوق القانون، كان على السيد الوزير أن يصدع بالقول: إنه آن الأوان للقطع مع السياسات التي تنظر إلى أموال التعليم، ولا تنظر إلى التعليم، السياسات التي تتخذ من إصلاح التعليم وسيلة للاغتناء، كما هو الشأن بالنسبة للبرنامج الاستعجالي الذي لحد الساعة لا زلنا لا نعلم في أي حسابات وأرصدة بنكية ضخت أمواله؛ لأننا لا زلنا لحد الساعة نتساءل كما تساءلت والية جهة سوس ماسة زينب العدوي عن مصير أموال التعليم التي لم تنعكس على مؤسساتنا التعليمية، وعلى جودة مناهجنا، كان على السيد الوزير أن يسلط الضوء على المنهاج التعليمي ببرامجه وطرقه ووسائله، ويعلنها ثورة على كل منهاج يكرس لإعادة الانتاج نفس العقليات الجامدة غير القادرة على التفاعل مع المعرفة في مصارها ، كان بالأحرى بالسيد الوزير أن يحمل الأحزاب الساسية وغيرها النصيب الأكبر من المسؤولية على الفشل. السيد الوزير إن كلامي هنا ليس دفاعا عن نساء ورجال التربية والتعليم، لأنه فعلا هناك قلة قليلة جدا بل ونادرة، لم تعرف بعد حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، وحجم الانتظارات التي ينتظرها المغاربة منهم، ولكنه في حقيقة الأمر دعوة إلى ترتيب الأمور حسب الأولويات؛ ولعل أولى الأولويات القدرة على الاعتراف بكون السياسات المنتهجة كان لها الدور الأكبر فيما وصلنا إليه، ثم بعد ذلك وضع تصور شمولي نابع من الواقع المغربي بكل إكراهاته وتحدياته، لا تصور مستورد غريب لا علاقة بينه وبين واقعنا، هذا دون إغفال إعادة الاعتبار للأسرة التعليمية بحفظ كرامتها بدل التحامل عليها وتكريس صورة نمطية وهمية عنها توحي بأنها سبب كل الرزايا والانتكاسات التي تعيشها المنظومة اليوم.