أثارت تمثيلية استعراضية من بطولة مجموعة من التلاميذ والتلميذات بمدينة القصر الكبير استِهجان شيوخ سلفيين وناشطين إسلاميين، عقب تصويرها يافعين ذكورا يلقون القبض على فتيات منقبات يرتدين "عباءات سوداء" وسط الشارع العام. وأظهرت الصور المنتشرة على صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أطفالا يرتدون لباس الشرطة وهم يقتادون فتيات منقبات يرتدين لباسا أسودَ ومُكبَّلات الأيدي إلى الخلف، ما يُذكِّر بالعمليات التي تقودها القوات الخاصة بالمكتب المركزي للأبحاث القضائية الذي يعمل على إلقاء القبض على إرهابيين، ومن بينهم فتيات. وانبرى عدد من الناشطين "الفيسبوكيين" إلى استهجان هذا التصرف، منتقدين بشدة الإطار التربوي المشرف على إنجاز المسرحية، متهمين إياه ب "استغلال الأطفال وتمرير صورة مسيئة عن المرأة المغربية المنقبة وتصوريها على أنها إرهابية"، فيما وصف آخرون التصرف بكونه "قمة في العنصرية ضد آلاف المواطنات المغربيات المنقبات، ووصمة لمواطنات مغربيات اخترن لباسا مُعيَّنا". وقال الشيخ حسن الكتاني، أحد أبرز الوجوه السلفية بالمغرب، إن الواقف وراء هذا التصرف "غير مسؤول بالمرة"، وفق تعبيره، مُتابعا أن من وراءَهُ يحمل حمولة ضد الدين، ورأى أنه "في الوقت الذي يؤكدون فيه أن الإرهاب لا دين له، يُمثلونه بلباس أهل الدين والمسلمين، هذه الخطوة مرفوضة رفض باتا"، وفق تعبيره. واعتبر المتحدث أن ما وقع يعد جريمة تجاه الأطفال، وطالب بفتح تحقيق ومحاسبة من وراء الاستعراض والفكرة وتنفيذها، لافتا إلى أن الدول المتحضرة تحاسب على الأفعال التي تعد عنصرية، وتصوير شريحة كبيرة من أهل البلاد على أنهم إرهابيون، ما يزيد من ترسيخ الكراهية والتفرقة بين أهل البلد الواحد. من جهته، اعتبر محمد كليل، المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بإقليم العرائش، أن العرض المقدم في إطار "الكارنافال" التربوي الرابع، "أُعطي أكثر من حجمه، وأُلصق به تأويل أكبر مما ينبغي"، مؤكدا أن رسالة العرض سعت إلى "التأكيد على الاستقرار الذي ينعم به المغرب، والأدوار المهمة التي تلعبها العمليات الاستباقية بفضل يقظة الأمن". وأبرز المسؤول، صمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الاستعراض المنظم السبت المنصرم في إطار النسخة الرابعة من الكارنافال التربوي الذي تنظمه المديرية الإقليمية بالعرائش، عرف مشاركة 18 مؤسسة تعليمية ما بين ابتدائية وإعدادية وثانوية، و9 جمعيات مدنية، وتخلله أزيد من 50 عرضا فنيا. وأفاد المتحدث بأن العرض المقدم من طرف تلاميذ وتلميذات مدرسة ابتدائية بمدينة القصر الكبير "مقتبس من مسرحية أهم رسائلها الثناء على الاستقرار واليقظة الأمنية بعيدا عن أي تأويلات بعيدة كل البعد عن المضمون المراد"، مشيرا إلى أن المؤسسة التربوية "ترفض أي تمييز بين المواطنين في إطار احترام الآخر".