في قلب أوبيدوم نوفوم ،كانت في ما مضى حدائق ذات بهجة ،أسرت كثيرا من الزوار وقورنت بعروس الشمال طنجة ، في زمانها كان الماء والورد والزهر والطير أغلب ما طغى على عناصرها ، مدينة الكفاف والعفاف هي ، سالفو حكامها كانوا ورعا وأكثر حرصا واهتماما وحفاظا على طابعها الأصلي الجميل ، مدينة ضواحيها مروج وأودية رقراقة وسهول خصبة ، تعج بالخيرات مدينتي ، وفي عنفوانها الأول ما رأينا لصا ولا متسولا ولا انحلال، بفضل أمنيو ومسؤولو ذاك الزمان ، كان للمدينة صيت يدعى . واليوم نراها كسيرة الجناح ،ذليلة بين المدن ،جدرانها وسخة ،وأزقتها غير معبدة، ومعظم قاطنيها وجوههم ذبلة ، وتعمها فوضى عارمة ، ولئن دخلها اليوم علينا زائر لولى منها فرارا ولملئ قلبه منها رعبا ، من المسؤول . هو ذاك الذي أصبح بمنصبه مغرور ، ويأخد الرشاوى وهو مسرور ، وأفعاله كلها شرور ، وهو دون مستوى وله تأشير المرور ، وقلبه صلد كالصخور ، وهو عن نصر الحق في فتور ، والمستضعفين من سكان المدينة من كثر الظلم أرادو الفرار وتمنو أجنحة الطيور . لا تحزن ياقصري ، يا من سلب منك حقك ، يا من حرمت من نصيبك في الحياة ، الدنيا هي سجنك ، وعذابك فيها الجسر الذي يأخدك للجانب المضيئ ، إلى جنب الرحمان ، في جنة عدنان ، يقدمك نبي حنان ، وكل مجاوريك فيها قوم بحق كان لهم قلب إنسان . أما المجرمون الطاغون الإنتهازيون المرتشون المتسلطون ، الذين كل همهم جمع المال وطول الآمال ، ولا إدراك لهم أنهم من قهرهم لنا أصبح حالنا في أسوء حال ، وبضرهم لنا طرقنا مستعطفين أبواب الأهل كلهم وبيت الخال ، ولقد حدثت ونضرت كثيرا أن السعادة في الشهامة والرجولة ليست في المال ، وكل من عبد الدرهم والخميصة طيب العيش من قلبه زال ، وكناز الكنوز في الشقاء عذابهم طال ، أرجعوني أعمل صالحا غير اللذي كنت أعمل المسؤول الفاسد يوم الحسرة قال. وبعد ما كان غضبنا عليهم هامد ، أوقدوه من جديد بدم بارد ، لا عطف فيهم وقلبهم علينا حاقد ، وأنا بين ضيق العيش وإهمال المسؤول صامد ، وعلى ما أصابني من إبتلاء لله حامد ، وقلب المتسلط علينا حجر صلد وثلج جامد ، ولقد ضقنا منهم ضرعا والله على ما نقول شاهد .