اهتز كيان المغاربة جميعا ، عند علمهم بطحن المواطن " محسن فكري" ، الشاب الريفي بائع السمك . إن تدفق المواطنين في شوارع المدن المغربية ، الهدف منه إدانة و شجب عملية سحق الشهيد " محسن" ، و يحمل في طياته كثيرا من الدلالات ، أهمها : سخط الجميع من احتقار و استسغار المواطن المغربي البئيس و البسيط . فمن هو " محسن فكري" يا ترى؟ إنه نموذجللشباب المعدم ، الذي يحفر الصخر بيديه ، و يعيل نفرا من 10 أفراد . اقترض هذا الشاب البالغ من العمر 31سنة مبلغا ماليا ، و اشترى شحنة سمك " أبو سيف " من داخل الميناء ، ليُفَاجَئ بإيقاف الشرطة لها و إعطاء الأمر بطحن ذلك المنتوج بواسطة شاحنة لجمع النفايات . " محسن" رفض الانصياع لذلك الأمر القاضي بسحق سمكه في قارعة الطريق و ربط الأمر بمصيره . فحدثت تلك الواقعة المؤلمة و هي فَرْمُ جسده . أسئلة كثيرة تُطْرَحُ و تتناسل و تُعَرِي الوضع الفاسد في البلاد . -هل من صلاحيات الشرطة القضائية مصادرة أسماك الراحل " فكري" في غياب شرطة الصيد ؟ -هل من حق الشرطة حجز البضاعة و إتلافها في الحين بواسطة شاحنة لها عقد مع المجلس البلدي لجمع الأزبال ؟ -أَلَمْ يكن كافيا أن تعاين الشرطة المخالفة و أن تترك باقي الإجراءات للنيابة العامة و لحكم القضاء ؟ – كيف أمكن إتلاف كمية كبيرة من الأسماك أمام أنظار أصحابها في الشارع العام دون أخذ الاحتياطات اللازمة لكي لا تشكل خطرا على حياة المواطنين ؟ – إذا كانت شُحَنة السمك فاسدة أو غير قانونية ، كيف سمحت السلطات بمغادرة الميناء ؟ . يبدو أن المشكل الحقيقي في هذه النازلة لا يتعلق ببيع السمك الفاسد و لكن بالافيات التي تتكون داخل بعض الموانئ و الذين يرشون رجال الأمن و الجمارك مقابل إغماض أعينهم عن هذه الجرائم . نحن إذن أمام شطط كبير لاستعمال السلطة ، و أمام خلل لايوصف في الميناء الذي يسمح بصيد السمك بطريقة غير قانونية . كذلك ما وقع هو وجه من وجوه الفساد الإداري . إن الإحساس الذي يشعر به المرئ عند طحن و سحق و فرم السماك الريفي الشاب هو المهانة و طغيان السلطة . لن يوضع حد لهذه الممارسات الفظيعة ، إلا بقضاء مستقل و مؤسسات ديمقراطية و قانون للمحاسبة و المساءلة . إن الزلزا الذي هز نفوس المغاربة ، يُؤشِرُ على رفضهم استمرار السلطة في نهجها لأساليبها القديمة . إن سؤالا محوريا و منطقيا يفرض نفسه و هو : متى سنعيش في بلد يحكمه القانون ؟ و يسري فيه على الجميع دون تمييز ؟ يا " محسن فكري" يا شهيد " الكرامة" ، نم قرير العين ، فقد أيقظت بموتك الدرامي شعور العزة لإخوتك المواطنين الآتين قريبا لهزم " الحكرة و القهرة" .