قالوا إنها ثورة شعبية صححت المسار الديمقراطي، فالثورة قطارها سريع وهي لا تقبل بالتسويفات وبعقلية النظام القديم فمن سار في دربها استمر في موقعه ومن حاد عنها عزل من منصبه. هكذا يقولون مشهد الثورة قام به الشعب ببطولة جبهة الإنقاذ وإخراج الجيش، وهذا يعني أن المشهد سيتكرر ففي حلقة منه ثورة تقابلها ثورة مضادة ففي كلتا الصورتين العكسر موجود فيها هو من دعم ثورة الشعب الأولى وخلع حسني مبارك من كرسيه وهو كذلك من ساند الثورة الثانية وعزل الرئيس الشرعي المنتخب ديمقراطيا يا سلام على الجيش وما يقوم به في كل مرة يده الكريمة موجودة في الحالة السياسية المصرية ففي كل مرة سيتدخل لحماية الديمقراطية، ما لم يفهمه الكثيرون أن تدخله في الثورة الأولى كان مبررا ذلك لأن الثورة كانت ثورة الشعب بجميع طوائفه رغم أن الظروف المؤسساتية للدولة من إعلام ووزارت ومؤسسات عمومية وخاصة كانت تدعم الرئيس المخلوخ حسني مبارك إلا أن صوت الشعب كان يردد كلمة واحدة ارحل وهي كانت أقوى من كل شيء حتى من الرصاص والدبابة. الجيش الذي خوله الشعب تسيير أمور البلاد في الفترة الإنتقالية حاول أن يتمسك ويحافظ على امتيازاته السابقة غير أن الشعب كان له بالمرصاد وكان يمكن أن يقع اصطدام بينهماغير أنه وعى الدرس جيدا وأصبح مراقبا متدخلا بامتياز كلمته مطاعة وهي لا تقبل النقد. تدخل الجيش في الثورة الثانية كما سميت إلا أن ظرفها في هذه المرة اختلف فالصراع كان بين فئتين فئة إديولوجيتها علمانية والأخرى إسلامية أي أن الشعب يمكن أن نقول تجاوزا انقسم إلى قسمين وليس كما كان في السابق في الثورة الأولى كان مضمونها واحد وباتفاق جميع أطراف المجتمع. الجيش قال أنه انضم إلى الشعب المتمثل في ميدان التحرير ولم يعر اهتماما للشعب الآخر المتمثل في رابعة العدوية في نظره ووفق إحصائياته فهو يمثل نسبة ضعيفة. في الثورة الأولى القائمين على العسكر لم يستطيعوا قمع الحرية لأ نها كانت جارفة يمكن أن تجرفهم، أما الثورة الثانية المساندة للعلمانيين فتجليات عهد مبارك في قمع الحريات الأساسية ظهرت من جديد من خلال اعتقال الإسلاميين تلفيق التهم بهم تجميد أموالهم منعهم من السفر حجز صحفهم قفل مؤسساتهم الإعلامية والإجتماعية هنا ميز الجيش بين طائفة وطائفة أخرى طبق قولة جورش بوش الشهيرة فمن معي فهو معي يحيا بسلام واطمئنان ومن ضدي فهو عدوي. لما لا يكون الجيش المصري كشقيقه الجيش التونسي تدخل بحياد رغم دعوته من طرف الرئاسة لقمع المتظاهرين إلا أنه العكس حمى المتظاهرين ومؤسسات الدولة أما ما يتعلق بالشق السياسي فتركه للنخب السياسية للتداول فيما بينهم فلم يفرض لا خارطة الطريق ولا خارطة الجغرافية فأخذ عن جدارة حب الشعب بمختلف أطيافه وأبعد نفسه عن متاهات ونزاعات مصالح الأفراد والعموم.