لما نظرت إلى المرآة – هذا الصباح - رأيتني بغير وجهي، ما كانت لي أبدا عينان – بعد سُكرٍ - حمراوتان بذاك الشكل الذي رأيتني عليه، ولا كنتني يوما بدائيا مكشر الوجه؛ بشعر أشعت وأنيابي كما للوحش، ولم يكن لي قط شارب، فصار لي واحد كثيف الزغب، ولحيتي طالت واستطالت دون علم مني. والأنكى من هذا وذاك صار لي قرنا تيس طاعن في السن، قلت في سري: - أنا كما أعلم، بهي الطلعة، لامع الصلعة، ولم أر لي شاربا أبدا، ولا تركت ذقني ينعم بزغبه، باختصار شديد جدا؛ أنا بشوش وبالملاحة مرشوش. هل يمكن الاعتقاد بأن الوجه المنعكس على سحنة المرآة هو حقيقتي؟ أم أنها - المرآة - اللعينة قد زيفت ملامحي؟ أجابني وجهي الغريب عني: - مادمت أسمع نجواك؛ أنا أنت على كل حال. انتفضت رعبا مني، لكن وجهي على المرآة ظل عابسا. لما استرجعت أنفاسي اقتربت من المرآة وعلى سحنتها تحسست وجهي الغير منعكس عليها، وضعت أناملي على ثغري، عضتني أسنان حتى سال دمي، وصرخت كالأطفال: . ! - وا أمي لكن الرجل الملتحي ظل عابس الوجه، ولم يهتم لوجعي. وزدتني غرابة لما اكتشفت؛ أني أنا من عضضت أصابعي. وبعد طول نقاش بيني وبين وحش المرآة اقتنعت أن لي وجهان في ذاتي؛ واحد أقابل به الناس، وآخر على سحنة مرآتي.