مهما كانت نظرتنا إلى أعوان السلطة الذين دأب الجميع على نعتهم بالمقدمين والشيوخ فان الجميع يقر على دورهم الهام في السهر على التسابق إلى المعلومة ومعرفة طبيعة الخبر وحيثياته قبل الجميع وتبليغه إلى المسؤولين قبل أن تصيبه البرودة وبالتالي كان لهاته الفئة الدور الكبير في ترقي العديد من القياد والباشوات ومن يدور في فلك رجال السلطة بل إن دورهم كان رئيسيا بالنسبة لبعض أعين الأجهزة الأمنية حيث لا يمكن أن يخلو أي تقرير مهما كانت طبيعته من مساعدة مقدم أو شيخ ناهيك عن دورهم الكبير إبان مرحلة الانتخابات دون أن ننسى أو نتناسى أنه في مرحلة سالفة من زمن المغرب الجميل كان المقدم يلعب دور القاضي والفاصل في النزاعات والخصومات وفي مرحلة التسعينات وخاصة في القرى كان يقوم بدور ساعي البريد .... انه بالفعل عون السلطة الذي لا مكان فيه للمناصفة ومقاربة النوع ويستحيل أن تتجرأ قيادة او باشوية أو عمالة على تعيين عنصر نسوي في هذا "المنصب" وهو ما يدل على أن تسمية المقدم والشيخ الخاص بأعوان السلطة هو تقليد مغربي واستثناء مغاربي ينفرد به المغرب وأملته ظروف تاريخية وقد تكون طاحونة الأيام والسنين قد قصت وقضت على الشيئ الكبير من الاختصاصات التي كان يتمتع بها لكن ضرورة وجوده لا زالت قائمة على الأقل بالنسبة لرجال السلطة والأجهزة الأمنية. المقدم أو الشيخ ومنذ أن عرفناه لا يمكن لبعض الوثائق الإدارية أن توقع إلا بعد أن يكون المقدم قد أشر على صحتها كشهادة السكنى وشهادة الوفاة وشهادة الخطوبة وغيرها من الشواهد الإدارية الأمر نفسه بالنسبة لبعض الأحداث حيث يستحيل أن تمر وقفة احتجاجية دون أن يكون المقدم والشيخ غائبين عنها يعدون عدد الحاضرين ويسجلون طبيعة الشعارات ويراقبون الوضع من بعيد ومن قريب ويستحيل أن يحل أجنبي بدائرة نفوذ المقدم دون أن يعرف هذا الأخير فصيلته وجنسه وأصله بل وحتى سبب تواجده ومدة إقامته بل الأكثر من ذالك المقدم والشيخ كان ولا زال هو عين السلطة في الكثير من القضايا بل ومساعدا مهما في إرشاد المسؤولين إلى طبيعة هذا الحي وعقلية سكان ذالك الدوار دون إغفال دوره الكبير في التقرير الذي يعده بالنسبة لانضمام أي مواطن لسلك الأمن والشرطة والجيش فهو العليم بتوجهات شباب الدوار وانتماءاتهم السياسية والإيديولوجية وهو الأمر نفسه حينما يود مواطن ما الانضمام إلى نقابة معينة أو تأسيس جمعية معينة فلا مجال للاستغراب من رؤيته أمام الباب يطلب مده ببعض المعطيات والمعلومات . المقدم او الشيخ هو عين السلطة التي تنام بعين مفتوحة وأذن منصتة وقد يشتغل اليوم كله ولحسن حظ البعض منهم فقد زودتهم الجهات الوصية بدراجات نارية وهاتف محمول ينتشي البعض منهم بتسميته "الام روج" أي الميم الحمراء تشبيها له بترقيم سيارة الدولة التي تحمل علامة المغرب مكتوبة باللون الأحمر ولما تشكله من هيبة تفرض احترام سائقها . المقدمون والشيوخ تغيرت طبيعتهم وتغيرت مهامهم لكنهم ظلوا رقما تابثا في المعادلة الأمنية وتحليل المعلومة بل تم تشبيب هذا المجال لتنضاف إليه عناصر شابة ومتعلمة ومنها من هو حاصل على شهادة الإجازة في ظل أزمة التشغيل الحادة حيث أصبح الحصول على وظيفة من سابع المستحيلات وبالتالي لم يعد لبعض الشباب المغربي الحامل للشواهد الجامعية والمعطل من نقص في الانضمام إلى كتيبة المقدمين حيث لا مباراة ولا هم يحزنون وأيضا بالنظر إلى التعويض الذي أصبحوا يتقاضونه مؤخرا والذي لم يصل بعد إلى مستوى الجهد الجهيد الذي يبذلونه خلال اليوم كله فلا مكان ليوم المقدم للعطلة او يوم العيد .... كل ما سبق وذكرناه يجعلنا الآن بعيدا عما ورثناه في الذاكرة والمخيلة من صراع المقدم والشيخ مع المواطن حيث اعتبر لفئة بعينها العدو رقم واحد بعيدا عن كل ذالك أصبحت الحكومة المغربية ملزمة أكثر من أي وقت مضى على العناية بهاته الفئة ودمجها تحت غطاء الوظيفة العمومية حتى تسهل عملية ضبطها وأيضا عملية محاسبتها فالمقدم مواطن مغربي من حقه العيش الكريم وتأمين مستقبله وأحب المسؤولون أم كرهوا فعين السلطة هو المقدم والشيخ ولا غرابة في نعته برجل السلطة رقم "واحد " حيت بات أمر تحسين وضعيته ملفا له من الأهمية الشئ الكبير .