جلوسه المتكرر الموسم الماضي على دكة الاحتياط ،خاصة في اللقاءات الحاسمة ،أقلق عشاقه كثيرا ،وجعل المشكّكين في قدرات اللاعب يتوهمون نهاية حكايته الطويلة مع منطقة الجزاء. الحادث العنصري الذي تعرض له العام الماضي على احدى القنوات الايطالية ،جعلته يجيب بأقدامه مباراة بعد أخرى ،وكان خير جواب في الميدان السير إلى الأمام وترك هواية الكلام للأخرين . ذاك ببساطة هو مهدي بنعطية الأسد المغربي المدافع الصلد الذي يتقمص أحيانا دور المهاجمين وينافسهم في مركز ليس من تخصصه ،شعاره التوهج مباراة بعد أخرى مع السيدة العجوز محليا وقاريا، مدافع من طينة الكبار أحيانا دور المهاجمين هدفه الحاسم في مباراة القمة في الجولة 18 ضد روما رشحه لنيل لقب "سوبر" مهدي عن جدارة واستحقاق. مجاورته الطويلة لصخرتي دفاع "ألأزوري" كيليني وبونوتشي، أكسبت المدافع المغربي الكثير من الخبرة والصلابة والاستماتة والقتالية على البساط الأخضر، هو لاعب يعشق حد الجنون مربع العمليات ،حتى صار جزءا من مملكته الخاصة يذود عنها كأسد بكل ما أوتي من قوة وشخصية إذا نازعه فيها المتربصون بالشباك . تشرّبه من أفكار الدفاع جعلته يكتسب كثيرا من التجربة والخدع في مباغتة دفاعات الخصوم بأهدافه الحاسمة حتى أضحى ينافس المهاجمين في مربع العمليات الذي هو ديدنهم ،هو بكل اختصار وزير للدفاع في الميدان يتقن مهمتي الدفاع والهجوم في الأن ذاته. مهمة حراسة المهاجمين الكبار وكل من يتربص بمرمى فريقه يتقنها بنجاح وباحترافية عالية ،أمام استبساله يرتبك المهاجمون وتختلط كل الأوراق لديهم ويضِلّوا الطريق نحو الشباك ،تدخلاته السليمة في فك شفرات الهجوم تجعل زملاءه في حراسة المرمى يطمئنون بحضوره على نقاوة شباكهم. الطليان يصنفونه من أفضل المدافعين حاليا في السيري "A" وصار تلك المعادلة الصعبة داخل وخارج مربع العمليات،والصحف الإيطالية تشيد بأدائه وعمله مع المجموعة، المهدي بكل بساطة من الفئة القليلة الذين يعملون بجد ،ويكدون بلا كلل و ملل يعملون ويتعبون ليصلوا إلى القمة التي يصبون إليها ،والنتيجة أداء في القمة وتطور في المستوى مباراة بعد أخرى حتى أضحى كل فريق يتمنى أن تكون له نسخة من بنعطية. مهدي بلا مبالغة ولا مجاملة هو لاعب ذو غيرة وحس وطني قل نظيره ،فقد لبّى نداء القلب والوطن في وقت استسلم فيه الكثيرون لإغراءات المال والأوهام، واختار الأسود عن حب وباقتناع ،يعود له الفضل في توهج الأسود بعد سنين من الخيبات والنكسات ،بفضل مجهوداته وتضحياته وعرقه سنرى أخيرا راية الوطن ترفرف في سماء المونديال بعد أفول دام عقدين من الزمن. مهما أجزلنا له الكلام وبالغنا في الوصف فلن نفلح في منح اللاعب حقه في التكريم ،لكن من واجبنا أن نشيد وننوه بأدائه المؤثر سواء مع اليوفي أو مع الأسود في مركز يتطلب كل التركيز وأي خطأ منه يساوي هدفا في الشباك وخسارة للرسمية. تركيزه الكبير في مركزه أتى أكله جيدا ،سواء مع منتخبنا الوطني حيث تأهلنا الى المونديال بواقع صفر هدف في الشباك وهو سبق وإنجاز تاريخي كبير ،أو مع فريقه يوفنتوس، إذ لم تتلق شباك السيدة العجوز أيّ هدف في آخر ثماني مباريات خاضها الفريق في كل الجبهات. "سوبر" مهدي إذن يستحق منا كل تقدير واحترام