إن المؤتمر الوطني الثالث للحزب الاشتراكي الموحد المنعقد بتاريخ 16 و17 و18 دجنبر 2011، تحت شعار: "الملكية البرلمانية الآن" 1- يعتبر أن حركة 20 فبراير شكلت نهوضا تاريخيا و سياسيا للمجتمع المغربي من أجل إنهاء عهد الفساد والاستبداد الذي امتد أزيد من نصف قرن، و من أجل تحقيق المطالب التي رفعها شباب وشابات 20 فبراير ومن ورائهم مختلف شرائح المجتمع المتنورة، و هو نهوض طالما انتظره الشعب. وقدمت من أجله أجيال متتالية من الديمقراطيين التقدميين التضحيات تلو التضحيات. و الحركة جزء أصيل من حركة كافة شعوب البلدان العربية و المغاربية، جمهوريات وملكيات، من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة، بما تحمله من آفاق واعدة لتمكين الشعب الفلسطيني من انتزاع حقوقه في بناء دولته المستقلة بعاصمتها القدس، و جزء من الحركة العالمية الناهضة من أجل التحرر من هيمنة وتحكم المؤسسات المالية ومن الرأسمالية المتوحشة. 2- ويشعر المؤتمر بالاعتزاز الكبير بشابات وشباب المغرب المتنور الذي أطلق شرارة الحركة وقادها في كل أرجاء المغرب كمعبر أصيل وصادق عن طموح الشعب المغربي إلى الانعتاق والتحرر وإقامة النظام الديمقراطي بقواعده المتعارف عليها كونيا، والضامن للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والحداثة والمساواة ، وحماية الديمقراطية والمصالح العليا للشعب والوطن في استقلاله ووحدته الترابية و سيادته وتحقيق الوحدة المغاربية. 3- يجدد تبنيه للأهداف الأساسية المعلنة في البيان التأسيسي لحركة 20 فبراير التي يتجمع حولها كل الديمقراطيين حتى تتحقق بالكامل. وفي مقدمة هذه الأهداف يسجل بالخصوص: • إسقاط الفساد والاستبداد • إقامة دولة مدنية تفصل بين السياسة و الدين، وتحويل النظام إلى ملكية برلمانية يكون فيها الشعب صاحب السيادة والمصدر الوحيد للسلطة عبر دستور ديمقراطي في مضمونه وفي طريقة وضعه. • تحقيق الحريات الفردية والجماعية وحرية المعتقد، وتحرير الإعلام العمومي وضمان حقوق الإنسان في جميع أبعادها وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين و إيقاف جميع المتابعات وفي مقدمتهم معتقلي حركة 20 فبراير و من ضمنهم مناضلي حزبنا ( الكبوري ، والشنو وكربوب ) • تحقيق المساواة الكاملة بين المرأة والرجل بدون تحفظات و في جميع الميادين المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية و الثقافية، ومناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة. • تحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل لخيرات البلاد بين الطبقات والجهات وتحقيق العدالة الضريبية وعدالة الأجور. • توفير الشغل والعلاج والمدرسة الجيدة والسكن اللائق والتعويض عن العطالة والفقر والعجز و الحقوق والخدمات الأساسية لجميع المواطنين والمواطنات، والمعالجة السريعة لتدهور الأوضاع الاجتماعية لقطاعات واسعة من المجتمع. • توفير شروط انتخابات حرة ونزيهة وفق المعايير الكونية، ينبثق عنها برلمان حقيقي وحكومة مسؤولة ومجالس فعالة. • محاسبة ومعاقبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الفساد الاقتصادي والسياسي والإداري والقضائي واسترجاع الأموال والممتلكات المنهوبة والمهربة، و الإعمال الفعلي لتوصيات هيئة الإنصاف و المصالحة، و ربط المسؤلية بالمحاسبة و عدم الإفلات من العقاب. 4- يشجب المحاولات المستمرة الخفية والعلنية التي ما فتئ النظام المخزني يجربها لإخماد حركة 20 فبراير وإيقاف نضالاتها المختلفة من قمع مباشر ومختلف الضغوط الأمنية والإعلامية و السياسية، مؤكدا أن تقديم تنازلات محسوبة وفارغة من المحتوى في المجالين الاجتماعي والسياسي (أجور وتوظيفات وتعديل دستوري وانتخابات وحكومة جديدة..) بنفس الأساليب القديمة، مع العمل لحشد الدعم الإمبريالي الغربي والخليجي الرجعي لن تنال من عزيمة الشباب ومن ورائه قطاعات متزايدة من الشعب المغربي. ولن تنال من إرادة مناضلي حزبنا في المشاركة في الحركة ودعمها والعمل على تقويتها وتوسيع إشعاعها الشعبي ومقاومة كل المناورات التي تحاك ضدها سواء جاءت من النظام وأتباعه أو من بعض القوى التي تعلن دعم الحركة وتخفي تحويلها عن أهدافها. - كما يشجب الممارسات اللامسؤولة للأصولية الدينية بأطيافها المختلفة في عدد من المواقع، والتي تعمل من داخل الحركة لفرض الهيمنة عليها بهدف إحلال استبدادها الأصولي محل استبداد المخزن أو لاستعمال الحركة من أجل انتزاع تنازلات من المخزن لصالحها. ويعتبر المؤتمر أن وقف المناورات الهيمنية لهذا التيار شرط من شروط تحقيق نهضة جديدة للحركة، مما يفرض على مناضلي حزبنا القيام بكل ما يجب لحماية استقلال الحركة من كل هيمنة من أية جهة جاءت، والامتناع عن كل ما يسهل هذه الهيمنة سواء كانت تنسيقا وطنيا أو محليا. - يأسف المؤتمر كذلك للمواقف المترددة والمتناقضة لقيادات الأحزاب الوطنية، والتي تخدم في النهاية المحاولات المخزنية لإخماد نضالات حركة 20 فبراير، ويدعو مناضلي وقواعد هذه الأحزاب والمركزيات النقابية إلى القيام بواجبهم النضالي في دعم نضالات حركة 20 فبراير والانخراط فيها، باعتبار أنه لا يمكن أن يكون هناك مدلول حقيقي للمعارضة اليوم إلا في إطار الدعم الكامل والصادق لحركة 20 فبراير وأهدافها، أما معارضة حكومات صورية فهي لعبة انتهى زمنها. 5- ووعيا من المؤتمر بأن قوة الانتفاضة الديمقراطية السلمية التي تقودها حركة 20 فبراير واستمرارها رهينان قبل كل شيء بتعبيرها الأصيل عن نهوض المجتمع المغربي، فإنه متأكد أن مصير المعوقات والمناورات المذكورة أعلاه سيكون هو الفشل في النهاية، وليس بإمكانها أكثر من أن تشغل أو تؤخر بعض الوقت هذا الزحف الديمقراطي السلمي. ولذلك فإن المؤتمر الوطني الثالث يعتبر أن الآفاق القريبة للحركة ستتحدد تبعا لتقدمها في كنس المعوقات التي تضعها القوى المخزنية ومناصروها في طريقها، وكذلك تبعا لتقدمها في التغلب على الاختلالات و المعيقات الداخلية. 6- وانطلاقا من كل ما سبق، فإن المؤتمر الوطني الثالث للحزب الاشتراكي الموحد يرى أن دور حزبنا بتعاون وثيق مع حلفائنا في تحالف اليسار الديمقراطي (حزب الطليعة والمؤتمر الوطني الاتحادي) وفي "الائتلاف المغربي من أجل ملكية برلمانية الآن"، ومع كل الأنصار الديمقراطيين للحركة بمختلف صفاتهم ومواقعهم، يتمثل في دعم نضالات حركة 20 فبراير والمساهمة فيها، والدفاع عن استقلاليتها التي تجسدها قبل كل شيء استقلالية وديمقراطية قرارات جموعها العامة، والتي شكل الشباب غير المنتمي حزبيا والشباب التقدمي المنتمي روحها وقوتها المحركة منذ البداية، والدفاع كذلك عن سلميتها سواء في شعاراتها أو في أشكال نضالها لضمان طول نفسها الذي يمثل الشرط الضروري لاستمرارها وانتصارها. ويتطلب ذلك تقوية الدعم السياسي والمادي واللوجستيكي المعتمد على الالتفاف الشعبي وعلى ابتكار أشكال المساهمة الشعبية. و يعمل الحزب الاشتراكي الموحد على القيام بدوره في هذا المجال بصدق ونزاهة واستماتة، وعلى تكييف خطه السياسي في المرحلة المقبلة مع هذه المهمة المركزية، ويكيف معها كذلك نشاطه في جميع واجهات العمل السياسي و المدني والتنظيمي والإعلامي والخارجي.. و ذلك لأن العمل لتحقيق أهداف الحركة يمثل اليوم التجسيد العملي المباشر، وبشكل لم يسبق له مثيل، لأهداف الحزب المرحلية والإستراتيجية في نفس الوقت. و يعمل بشكل مشترك مع حلفائه من اجل الارتقاء بتحالف اليسار الديمقراطي إلى مستويات أعلى من العمل الوحدوي ضمن صيرورة إعادة بناء يسار مغربي قادر على القيام بدوره كاملا في تحقيق الديمقراطية. 7- ويؤكد المؤتمر أن انتفاضة التغيير الديمقراطي السلمي التي دشنتها حركة 20 فبراير، باتت تؤثر على كل جوانب الحياة في المجتمع والدولة رغم أن عمرها لم يتجاوز عشرة أشهر، وهي في طريقها لتقلب رأسا على عقب كل ما هو متخلف وجامد ومعرقل للتطور وغير ديمقراطي في بلادنا ومؤسساتها الرسمية وغير الرسمية. و لذلك كان من الطبيعي أن يتفاعل حزبنا إيجابيا وبسرعة مع رياح التغيير القوية في خطه السياسي والتنظيمي والإعلامي. وخلال الفترة القليلة الماضية حقق الحزب تقدما جوهريا في خطه السياسي العام في إطار إستراتيجية النضال من أجل الديمقراطية تمثلت بالخصوص في: التشبث بالمطالبة بالملكية البرلمانية الآن، وبانتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة الآن، كما استوعب أن مركز الثقل في أساليب النضال قد انتقل من الواجهة الانتخابية إلى واجهة النضال الجماهيري السلمي المباشر في الشارع ضمن حركة 20 فبراير. وفي المجال التنظيمي يرى المؤتمر أن الظروف الجديدة تفرض على حزبنا القيام بعملية إعادة بناء و تأهيل شاملين بدءا بالعمل بحزم للتخلص من جميع الأعطاب التنظيمية المعيقة لعمله داخل هيئاته الوطنية والمحلية والقطاعية عن طريق تقوية الديمقراطية الداخلية دون تفريط في قواعد الانضباط والمسؤولية والمحاسبة، وربط ممارسة الحقوق بالقيام بالواجبات النضالية، واستعادة مكانة النقد النزيه والنقد الذاتي البناء، وفتح أبواب الحزب لأجيال جديدة من طلائع الشباب والشابات، وإحلال التنظيم الجهوي المكانة المركزية فور انتهاء المؤتمر. كما تفرض عليه نفس الظروف في المجال الإعلامي والتواصلي بذل مجهود استثنائي مع حلفائه وأصدقائه لضمان التوفر على أدوات إعلامية في مستوى ما تتطلبه المعركة الكبرى التي يخوضها الشعب من خلال شباب حركة 20 فبراير والقوى المناضلة الوفية لأهدافها. المؤتمر الوطني الثالث لحزب الاشتراكي الموحد بوزنيقة 18 دجنبر 2011