في جل المصادر التاريخية المغربية التي كتبت عن المقاومة الاحتلال الفرنسي، لا نجد إلا أساطير أهل فاس والنخبة المدينية التي استغلت عيشها في أمان واطمئنان مع المعمرين، وألفوا عن مقاومتهم الوهمية بل سموا أنفسهم وطنيين من الدرجة الأولى، واستفادوا من الاستعمار وأرسلوا ابناءهم إلى فرنسا للدراسة والتحصيل، وهللوا بأناشيد كلها مجرد خزعبلات لم تنل من الاستعمار الغاشم، وفي المقابل نجد قلة قليلة من الكتابات المغربية عن المقاومة الشعبية عامة، والأمازيغية خاصة. فالتاريخ الذي يدرس في المناهج المغربية يغول من الحركة الوطنية، ويقزم من المقاومة الحقيقية في شتى أنحاء المغرب، بل حتى بعض الذين يعتبرون من خيرة الدارسين لتاريخ المغرب لم يعطوا الحق للمقاومة المسلحة، وجل المصادر كتبها بعض المعمرين، أو هو نتاج ما خلفته لنا الرواية الشفوية. ولأنه لا تفصلنا إلا أيام معدودة عن ذكرى معركة تاريخية منسية، لم يكتب لها أن تدرس أو نجد آثارها في الكتب الرسمية، معركة ثاقا ايشيعان التي وقعت في 18 أبريل 1920، وجسدت بطولات قبائل أيت اسكوكو في مقاومتهم للاستعمار الفرنسي، إذ لا يعرف الجيل الحالي أي شيء منها إلا اسم المكان الذي اتخذه المعمر الفرنسي وجهة استراتيجية لمهاجمة وإشعال النيران بمدفعيات جبلية، مازالت آثارها منتشرة في جبال أكلمام وعيون أم الربيع وضواحي الوالي سيدي علي أوبراهيم وويوان وفلات. لقد شهدت تلك المعركة بسالة أيت اسكوكو وقوتهم وجبروتهم في مقاومة الاستعمار الفرنسي، حيث كتب عنها أحد الفرنسين وهو "بليوط" قائد القوات المحلية بوصفها "كان القتال ضاريا بشكل منقطع النظير ففي هده المعركة التي ارتفعت فيها المجابهة إلى درجة اشتباك الاجسام ...." وفي الرواية الشفوية المحلية التي تم نقلها عن شيوخ حضروا لتلك الفترة بكل تفصيل يقولون: أنه منذ وصول المعمر الفرنسي لجهة شمال زيان واستسلام قبائل أيت مكيلد فرت جميع القبائل إلى الضفة الأخرى من نهر أم الربيع، أي من الأراضي الأزغارية، وقطعوا التعزيب والاستقرار بالجبل والغابات لتنقيد الهجوم على القوات الفرنسية، التي استقرت بأفود الجامع وثاقا ايشيعان، وقد خلفت هذه المعركة شهداء لم ينصفهم جيل الاستقلال، ولو بكتابة أسمائهم في سجل المقاومة، أو توسيم مؤسسات عمومية بأسمائهم، فنالوا الحيف والإقصاء هؤلاء الأبطال نساء ورجالا، وقد امتد الحصار لهاته القبائل مدة عشر سنوات انتهت بقصة مأساوية لجندي من أهل المنطقة دخل الجيش الفرنسي وهو صغير، جاء في مهمة لكنه انقلب على المستعمر وأصبح بطلا ومقاوما حيث فك أسر أسيرات من نساء أيت اسكوكو تم اختطافهن من الغابات للضغط على القبائل للخضوع والاستسلام سنة 1933، وفي تلك الفترة تم اغتصاب جل أراضي أزاغار من طرف الاستعمار الرسمي الفرنسي، حيث قام بتحديد إداري وغابوي الهدف منه هو السيطرة والتفقير. التاريخ المنسي لأيت اسكوكو يحتاج إلى إعادة كتابته بأقلام محلية بشكل موضوعي، ليعرفه الجيل الحالي.