كلما انفلتتْ من قبضةٍ هذه البسمة تلقفتْها أخرى، سمفونية الحزن المؤلمة التي تؤدي مقاماتها آلات جامدة تلبس السواد. جنون أبدي أو سرمدي كل هذا الذي ينتابكِ وأنتِ تكْبرين في الأحضان!! أيتها البسمة غير السعيدة!! هذا الحزن يكبركِ بأعوام، يتمدد ويتمطط كما لو أنه ابن النار. هو كذلك، وسيزيف سابقا استسلم لجبروته المشؤوم غير مقتنع بالخلاص... يا سيدي ألم أكن جنبك والبسمة تلبسها شفاهك وتتفاخر بها وسط الوجوه الشاحبة؟! يا سيدتي ألم أك أنا البلسم الذي رسمها على شفاهك تلك البسمةَ المريحة، فصرتُ اليوم مداو بلا دواء... يحاول أن ينقش البسمة على شفاه العموم وكله حزن أبدي ولا من يكترث؟! الروح لا تفارق هذا الكيان، وإن يكن، فلماذا ألحِقَ جورا بتماثيل محنطة. صنم في زاوية هكذا ألهبتْه نيران الحزن وتواطأتْ معه الشموع، شموع الزائرات يبحثن عن بسمة عندي أنا الذي ما فزتُ أبدا بواحدة... صكوك الغفران. يا أصحاب الضحكة الصفراء الشمطاء التي تكسرني، أنا اليوم لست باحثا عن تاج الملوك، بقدر ما أنا باحث عن موطئ قدم في شبر أرض قاحلة فيها قليل من ماء ... أريد أن أتوضأ وأغتسل عل هذا الكمون يضمحل، وعله هذا الحزن الذي يكبرني ينكبح، حتى أصير على الأقل قرينا له، وإذ ذاك لتكن المعركة بيننا ونعلن المنتصر... أو لتكن سُنة الوقار بيننا ما دمنا سنتعادل، ليدعني وشأني هذا المطارد اللعين. مفازة... هكذا شاءوا أن يتداولوها، متناسين أن ذاك الخبيث قد نصب شراكه شوكا وأنا إلى الدنيا خرجتُ حافيا، صرخة أولى ممزوجة بلون الدماء، انحدرت لأزيل الأشواك من بطن قدمي فتقوس ظهري كقصبة منكسرة، شقوق... حاولت أن أتمدد فشربت من مكدر الماء، عيناي غمرهما تراب مختلط بالشوائب... قمة الحزن منذ أول صرخة ... كبرتُ وهو دائما هذا الحزن يضاعفني سنا... جابهت وقاومت وجعلني ركوب الضد – سحقا لمتوالية "رغم أنفه" – أركب عاصفة أخرى... هذه المرة... دماء مستهدفة...