خيط رفيع ذلك الذي يفصل بين مسلسل الإصلاح و مسلسل الخذلان. فلا حديث يروج في أوساط الموظفين وخصوصا أسرتي الصحة والتعليم خاصة إلا عن حزمة الإجراءات التي تعتزم الحكومة القيام بها في إطار «الإصلاحات الكبرى" في نظام الوظيفة العمومية ،حيث أجمع الكل أنها ترسخ التوجه الرامي إلى رفع الحكومة يدها على القطاعين الأكثر حيوية ، حيث سبق أن أشار إلى ذلك سابقا السيد رئيس الحكومة وزكاه وزيره مبديع ويتعلق الأمر بتطبيق السياسة التقشفية المسطرة من قبل صندوق النقد الدولي، التي تنبني مرتكزاتها على إصلاح نظام التقاعد وذلك بإعادة جدولة نظام التقاعد والرفع من السن الذي يحال فيه إلى التقاعد الموظفون، وهو إجراء كفيل بالرفع من نسبة البطالة بين أوساط الشباب الطامح للاستقرار الاجتماعي. لكن يبقى الأخطر هي الإجراءات التي روج لها الوزير مبديع في خرجاته اللامسؤولة التي ألفها الرأي العام وتقوم بتزكيتها اللجان التشريعية بالبرلمان وتساندها اللجان المنبثقة من المجلس الأعلى للتربية والتكوين ضمن مخطط تواصلها مع مؤسسات المجتمع المدني. فنلاحظ أن مختلف المشاورات واللقاءات تتمحور فقط في جعل التوظيف بالعقدة مسألة مسلمة لا محيد عنها وتلميع المقترح بشتى الوسائل بعيدا عن المقاربة التشاركية الهادفة وليست المقاربة الصورية المخادعة. إذ كيف يعقل أننا لم نجد لحد الآن تصورات الأحزاب المشكلة للمعارضة من أجل معالجة المشكل المؤرق كما لم نجد لدى أحزاب الحكومة في برامجها الانتخابية التي بوأتها مقاليد تدبير شؤون البلاد أية إشارة ولو بسيطة لهذا النوع من تلك الإجراءات التي لا تزيد من وضعية المواطن إلا تأزما. كما أن النقابات المعنية بالأمر والشريك الأساسي في أي إصلاح يحفظ للموظف حقه في التفاوض وحماية مساره المهني غابت عن المشهد إما بفعل تغييب ممنهج وذلك من خلال تجميد الحوار الاجتماعي أو بانعدام الرؤية و المقترحات الهادفة لحماية الموظف و اقتراح نظام أساسي كفيل بتوفير الأمن والاستقرار و الكرامة. أليس التوظيف بالعقدة هو صيغة خبيثة أو مناورة للعمل ببرنامج أساتذة سد الخصاص ؟ تجعل منه (الموظف) قشة سهلة الانكسار وتجعل من المناديب و النواب أشبه بالباطرونا ذات التوجه الرأسمالي لا غير؟ هل فعلا أفلست الحكومة ورفعت الراية البيضاء معلنة فشلها في تدبير أكثر القطاعات حساسية؟ وهل سينقل التأمين و التعاضدية من CNOPS إلى CNSS و ما هو دور AMO بعد ذلك؟ و كيف سيتم تدبير الضريبة على الدخل ؟ لنخلص في الأخير لطرح سؤال واحد ووحيد : هل بهذا المنهج تعيدون الثقة للمواطن في المشهد السياسي والانخراط فيه؟ المستقبل القريب كفيل بالإجابة عنه. بقلم : سمير ناضر