مؤخرا،توجهت إلى محكمة الأسرة بمدينة بني ملال ،للحضور كشاهد في إحدى قضايا الأسرة ،كانت قاعة الجلسات رقم 02 مكتظة عن آخرها، برجال ونساء نال منهم التعب ومشاكل الحياة الزوجية ما يكفي ،ليقرروا نقل همومهم إلى القضاء لعله ينصفهم ،إنطلقت الجلسات على الساعة التاسعة صباحا ،كنت أقف في الخلف وأنا أستغرب للطريقة والسرعة التي تمرر بها الملفات ،خصوصا وأنني لأول مرة تطأ قدماي قاعة المحكمة،ما أثار إستغرابي أكثر ،هو عندما نادت القاضية (بعد مرور ساعتين ونصف) على إمرأة عجوز قادمة من تيغسالين ، للحضور أمامها قصد الإدلاء بشهادتها في نفس القضية التي حضرت من أجلها.وقفت العجوز أمام القاضية التي طلبت منها أن ترفع يدها وتقسم بأنها لن تقول إلا الحق،رفعت العجوز يدها وهي مرتبكة،سألتها القاضية فأجابتها السيدة العجوز باللغة الأمازيغية،إلا أن القاضية أوقفتها وطلبت منها بصوت مرتفع يدل على غضبها أن تتحدث بالعربية،إعتذرت العجوز من القاضية قائلة بكل إحترام وبصوت خافت:" أور سينخ تاعرابث أيلي"أي "لا أجيد العربية يا بنتي"إنفعلت القاضية مرة ثانية بعد أن شرح لها أحد الأشخاص يقف بجوار العجوز ما قالته هذه الأخيرة وقالت لها مرة أخرى "عليك أن تتحدثي بالعربية"بدأت العجوز تتلعثم وتجمع الحروف لعلها تركب جملة مفيدة،لم تستطع ،إستدركت القاضية أمرها وطلبت من أحد الشهود (الغريب في الأمر أنه من الطرف الآخر الذي شهدت ضده العجوز)أن يترجم ماتقوله الشاهدة.غادرت قاعة المحكمة بعد أن أدليت بشهادتي وأنا أتساءل في نفسي: ü كيف لقاضية أن تطلب من عجوز أن تقسم أنها لن تقول إلا الحق وهي تسلب منها حق التعبير؟ ü ألم تتم دسترة اللغة الأمازيغية على أنها لغة رسمية؟ ü ألا يوجد قضاة أمازيغ في هذا الوطن الحبيب يمكنهم أن يحكموا في مثل هذه القضايا؟ ü كيف لهم أن يتحدثوا عن جهوية موسعة وهي في الحقيقة ضيقة لا تتسع حتى لسكانها الأصليين؟