قال المتنبي ذات قصيدة يصف فيها الفساد واللصوصية التي كانت مهيمنة في مصر القديمة : نامت نواطير مصر عن ثعالبها فما بشمن وما تفنى العناقيد ما أشبه ما وصفه المتنبي في مصر بما يجري في مراكش ، فحراس مراكش نائمون فيما ثعالب المكر والفساد تعيث في المؤسسات العمومية و شبه العمومية وتسرقها في واضحة النهار ولا من يحاسبها ويعاقبها . لقد طفح الكيل ، والظروف التي يمر منها العالم العربي ، والمطالبة بالتغيير و ترحيل رموز الفساد ستلعب دورا كبيرا في تنظيف مراكش من مفسدي الأمس، المتربصين والمنتظرين للإنقظاظ على ما تبقى من الكعكة ، فلم يعد يخفى على أحد أن الذين وصلوا إلى تدبير شأن هذه المدينة عبر انتخابات لا تعكس طموحات ساكنة مراكش وأغلبهم لا يفك الخط قد اغتنوا بالمال العام، إذ كما هو معلوم أن الاقتتال للوصول للمجالس البلدية لم يكن الهدف منه هو تحمل مسؤولية تدبير شأن المدينة بقدرما كان وسيلة للترقي الاجتماعي والتسلق والوصولية والانتهازية بأسرع وقت ممكن. ولقد وجد هؤلاء المفسدون من يلمع صورهم ، في حين أن الحقيقة التي يجهلها الكثير أن هؤلاء قد جففوا ضرع المدينة ومصوا مخها وقادوها نحو الإفلاس، وكم أوهموا الناس أنهم يحركون اقتصاد المدينة ، فهل يعقل أن يصرف على الحفلات من المال العام 700 مليون سنويا وهل يعقل أن يرصد للهواتف المحمولة 200 مليون سنتيم سنويا؟ وهل يعقل أن ينظف المسبح البلدي ب100 مليون سنتيم سنويا؟ وهل يعقل أن تكون مداخيل الحافلات السياحية 6 ملايين سنتيم سنويا في التجربة السابقة لتصبح في التجربة الحالية 276 مليون سنتيم سنويا؟ فأين كانت تذهب 270 مليون سنتيم؟ وهل يعقل أن يرصد لسوق الجملة 6 ملايير سنتيم لإتمامه فيصل المبلغ إلى 9 ملايير سنتيم دون إتمام نصف البناية؟ فأمام لغة الأرقام التي لا تنحاز إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، لم يبق أمام الرأي العام في مراكش إلا أن يتخذ التدابير اللازمة للمطالبة بمحاكمة ومحاسبة ومعاقبة كل هؤلاء الذين يسعون إلى إفقار المدينة ونهب خيراتها والإغتناء على حساب المعطلين والأسر الفقيرة وعامة الشعب. وقبل أن ننهي هذا الحديث نتساءل عن مآل 800 شقة كانت مخصصة للسكن الإجتماعي ووزعت في ظروف مشبوهة في التجربة السابقة للمجلس الجماعي.