لا يختلف اثنان عن أن مدينة مراكش المشهورة برجالاتها السبعة، تشتهر أيضا بأسواقها الدائمة والأسبوعية في نواحيها، وعلى امتداد الأسبوع تنظم أسواق أخذت من الأيام أسماءها، مثل اثنين أوريكا، وأربعاء تغدوين، وجمعة تحناوت، هي أذن أسواق أسبوعية تشكل ذاكرة مراكش التجارية. فلا غرو أن نجد أسواقا أخرى دائمة، تمثل إرثا تاريخيا وحضاريا لمدينة مراكش، من قبيل سوق الخميس، وسوق سيدي ميمون، وسوق الحفرة بساحة جامع الفنا. سوق الحفرة اخذ اسمه من انبساطه ويصفه المراكشيون بسوق الحفرة، يعج بمجموعة من المتاجر لبيع الاحذية والالبسة الجاهزة، كان يسمى بسوق القصابين، وهي سوق اختصت بصناعة المنتوجات القصبية من سلل ورفوف و خمم وما إلى ذلك مما يحتاجه الناس للاستعمال بالبيوت، فيما تفرق القصابون، أصحابها الأصليون بمناطق خارج أسوار المدينة بطريق الصويرة، وقد ارتبطت بداية ترحيلهم من سوقهم بالحريق الذي أتي على أسواق السمارين خلال الستينيات، قبل ان تلج هذا الفضاء، يثير انتباهك مجموعة من الصور معلقة ببابه، إنها أشبه برواق فني، يحتفي بصور صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اعتمد صاحبها على تقنية تعز عن الوصف، صور مثبة على جدران السوق تحكي تاريخا مشعا، إلى جانب هذا الإرث البصري هناك اكسسوارات، اجتهد صاحبها لكي تليق بسوق قرب جامع الفنا يزوره السياح، ويتوافد عليه أبناء مراكش، من أجل اقتناء الملابس الجاهزة، التي يوجد معظمها بالسوق المذكور، أو بعض المحلات الموجودة بشارع مولاي رشيد المعروف ب"البرانس" والأزقة المتفرعة منه، محلات تعرض ملابس تم تصنيعها بمعامل الدارالبيضاء في الغالب. كما كان هناك من يقصد أسواق الملابس المستعملة، على أمل العثور على ملابس تحمل توقيع أرقى الماركات العالمية بأسعار زهيدة، من أشهر هذه الأسواق هناك سوق سيدي ميمون، حيث يمكن للشاب المراكشي أن يعثر على قميص يحمل علامة LACOSTE أو BOSS أو سروال أميركي بثمن لا يتعدى 100 درهم. وبالإضافة إلى زبائن الحفرة وسيدي ميمون، كانت هناك قلة، تتمتع بالإمكانات المادية العالية، تقصد الدارالبيضاء أو الرباط لشراء ملابس مستوردة تعرضها محلات تابعة لشركات ملابس عالمية. اليوم تغيرت الأمور، وصارت مراكش تفتح محلاتها لاستقبال ما ستعرضه كبريات دور الأزياء والشركات العالمية. عطور لمختلف الأذواق والجيوب، وملابس تلبي خيارات عديدة واختيارات مختلفة. ويرى كثير من شباب مراكش، الذين تستبد بهم الماركات العالمية في اللباس، أن المحلات التي صارت تفتح أبوابها وتعرض سلعها، ليست إلا تلخيصا للتحول الذي تعيشه مراكش من مدينة مغربية محدودة جغرافيا إلى مدينة عالمية التوجه والساكنة. ويصر كثير من شباب المدينة على شراء ملابس من محلات تعرض معروضاتها من اللباس بأثمان قد تبدو في نظر العديد من المراكشيين مرتفعة، ذلك ان هذا الاقبال يساير تحولا في العقليات لدى هذا الشباب الذي صار يقتنع في قرارة نفسه أنه لم يعد من اللائق أن يلبس سروالا رخيصا أو قميصا عاديا.