بعد فترة الركود الناجمة عن جائحة (كوفيد-19)، يبدو أن النشاط السياحي في الصويرة بدأ يستعيد مجده السابق، بفضل الصمود الذي لطالما أبانت عنه جوهرة المحيط الأطلسي، لاستعادة مكانتها في السوق السياحية الوطنية والدولية. وبالفعل، فقد عاشت حاضرة الرياح، خلال الشهرين الماضيين، على إيقاع العديد من الأنشطة والتظاهرات الثقافية والفنية، وعلى رأسها "جولة مهرجان كناوة"، التي استقطبت جماهير غفيرة، وهو ما يجسد هذا الانتعاش الآمن والمضطرد لقطاع السياحة، ويعزز تموقع الصويرة كوجهة ثقافية وفنية ومعرفية بامتياز. ولم يتحقق هذا الانتعاش بمحض الصدفة، بل هو نتيجة جهود متضافرة لا حصر لها من قبل العديد من المصالح المعنية و الجهات الفاعلة المحلية التي عملت جاهدة، في إطار مقاربة تشاركية، لكي تستعيد هذه المدينة العريقة مكانتها في السوق السياحية الوطنية والدولية. وأوضح المندوب الإقليمي للسياحة، يونس الدبيبغة، في تصريح لقناة "إم24" الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الإقليم تنفس الصعداء وبدأ الانتعاش بعد قرار السلطات إعادة فتح المجال الجوي في 7 فبراير، مضيفا أن النشاط السياحي بدأ يسترجع حيويته ونشاطه، ببطء ولكن بثبات، منذ شهر أبريل المنصرم. وكشف، في هذا السياق، أنه منذ شهر ماي، تم تجاوز الانجازات المحققة سنة 2019، مشيرا إلى أنه خلال فترة الاصطياف الحالية، ستقوم المندوبية الإقليمية بتتبع المؤشرات السياحية، يشكل دائم، لدى مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة على مستوى الإقليم. كما أفاد المسؤول نفسه بأن هذه الوحدات السياحية سجلت، نهاية الأسبوع المنصرم، معدل ملء يزيد عن 70 بالمئة، مشيرا إلى أن بعض المؤسسات مملوءة عن آخرها. وأشار الدبيبغة أيضا إلى أن المندوبية الإقليمية تسهر، بتعاون وثيق مع السلطات المختصة، على مراقبة وتنظيم حملات تحسيسية من أجل ضمان استقبال السياح المغاربة والأجانب، على حد سواء، في أفضل الظروف. وذكر ، في هذا الصدد، بإجراءات الدعم التي قررتها الوزارة الوصية لفائدة مؤسسات الإيواء في إطار مخطط للإنعاش، مبرزا انخراط بعض المؤسسات على مستوى الإقليم في هذا المخطط، ، مما سيمكنها من التكيف مع المعايير والتموقع بشكل أفضل. وذكر المسؤول نفسه بأن مدينة الصويرة أصبحت، منذ شهر ماي الماضي، أول وجهة سياحية بالمغرب والقارة الافريقية تدرج في قائمة "المدن السياحية الإبداعية". ويأتي إدراج حاضرة الرياح ضمن قائمة "المدن السياحة الإبداعية" ، قصد توفير إطار ملائم لتعاون فاعلين محليين، من أجل المشاركة في خلق تجارب للسياحة الابداعية، تستجيب لطلب الأجيال الجديدة من المسافرين، الباحثين عن الأصالة والقيم الانسانية، والتي تسمح، في الوقت نفسه، بخلق منظومة بين فنانين، وصناع تقليديين، وصناعات إبداعية، وقطاع السياحة والفندقة، وبطبيعة الحال الساكنة الصويرية. كما أن المندوبية الإقليمية تعمل، بتعاون وثيق مع المجلس الإقليمي للسياحة، على إعادة التفكير في استراتيجية التسويق والتواصل من أجل ترويج أفضل للمنتجات والعروض السياحية. ومن جهة أخرى، أشار الدبيبغة إلى أنه وفي إطار البرنامج التكميلي لتأهيل وتثمين المدينة العتيقة للصويرة (2019-2023)، تساهم الوزارة الوصية في تمويل العديد من المشاريع التي من شأنها إعطاء دفعة جديدة للنشاط السياحي بمدينة الرياح، مستشهدا، في هذا السياق، بإنشاء مركز عرض التراث السياحي والمعماري للمدينة العتيقة للصويرة ، الذي انتهت الأشغال به، ويوجد في طور وضع اللمسات الأخيرة على الترتيبات المتعلقة بتدبيره واستغلاله. وهناك أيضا مشاريع أخرى توجد في طور الإنجاز أو الإطلاق، مثل إضاءة أبرز المعالم التاريخية بالمدينة، والإضاءة الفنية لساحة مولاي الحسن، ووضع علامات التشوير على مستوى المدينة العتيقة، ووضع ثلاثة أكشاك للمعلومات السياحية في ساحات مولاي الحسن وباب مراكش وباب دكالة. ومما لا شك فيه أن تضافر الجهود المبذولة من قبل الأطراف المشاركة أتى بثماره، كما يدل على ذلك تدفق الزوار على المدينة خلال هذه الفترة، في انتظار أن يتعزز إقلاع النشاط السياحي، لكي يندرج هذا الانتعاش في إطار الاستمرارية والاستدامة.