باعتباره رافعة أساسية لتحقيق تنمية متوازنة، وحجر الزاوية لإعادة تأهيل الرأسمال البشري، شكل تعليم الأجيال الصاعدة على الدوام أولوية بالنسبة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي لا يدخر جهدا من أجل تشجيع النجاح المدرسي والتصدي للأسباب الرئيسية الكامنة وراء الهدر المدرسي الذي يفاقم مخاطر التهميش في صفوف الشباب. ويشكل تخليد اليوم العالمي للتعليم في 24 يناير الجاري مناسبة للوقوف على الجهود المبذولة من طرف المغرب، لاسيما في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لمكافحة ظاهرة الانقطاع عن الدراسة وضمان تعليم شامل وعادل وذي جودة للجميع. وفي الواقع، لم يفتأ صاحب الجلالة منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين، يعطي دفعة قوية لبرامج دعم التمدرس ومكافحة الهدر المدرسي، حيث أشرف على إطلاق وتدشين العديد من دور الطالب والطالبة بكافة التراب الوطني، وكذا تعزيز شبكة النقل المدرسي، لاسيما بالوسط القروي. وتشكل دور الطالب والطالبة، ذات البعد الاجتماعي والتربوي بامتياز، والتي تم إنجاز أكثر من 1400 منها في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بنيات شاملة تعزز مكافحة الهدر المدرسي في صفوف الساكنة الأكثر هشاشة المنحدرة من مناطق قروية، وتوفير تعليم ذي جودة لجميع الأطفال، فتيانا وفتيات. وتضطلع هذه الدور بدور هام في ما يرتبط بالدعم النفسي للطلاب الداخليين من خلال ضمان كافة الشروط التي تسهل تعلمهم، عبر تمكينهم من متابعة دراستهم وتكوينهم في أفضل الظروف، وتحفيزهم على المضي قدما في مسارهم وتحقيق النجاح والتفوق. وهو الأمر الذي ينطبق أيضا على حافلات النقل المدرسي، التي تم توزيع المئات منها في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على جماعات ترابية، ومؤسسات تعليمية وفاعلين جمعويين، بهدف دعم التمدرس ومكافحة الانقطاع عن الدراسة بشكل ناجع، لاسيما في صفوف الفتيات المنحدرات من الجماعات القروية. وتعيد المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تم إطلاقها في 19 شتنبر 2018، والرامية إلى تعزيز المكاسب المسجلة منذ إطلاق المبادرة سنة 2005، توجيه برامجها حول النهوض بالرأسمال البشري، مخصصة برنامجها الرابع ل"الدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة". وهكذا، تواصل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من خلال مرحلتها الثالثة، دعمها لمحاربة الانقطاع المدرسي الذي شمل خلال الموسم الدراسي 2017- 2018 لوحده أكثر من 200 ألف تلميذ، وذلك من خلال تسهيل الولوج إلى التعليم عبر تأهيل وتعزيز شبكة دار الطالب ودار الطالبة والنقل المدرسي. وانسجاما مع طموحاتها، تساهم المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في إرساء نموذج جديد للتنمية البشرية، يدعم بناء النموذج التنموي الجديد للمغرب، الذي دعا إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل تنمية اقتصادية مستدامة، ترتكز على الإنسان وتحترم بيئته.