عقد المجلس الإداري للوكالة الحضرية للصويرة دورته التاسعة، أمس الجمعة، برئاسة وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، عبد الأحد الفاسي الفهري. وحضر هذا الاجتماع، الذي عقد في مقر العمالة، عامل إقليمالصويرة عادل المالكي، وعدد من المنتخبين المحليين والجهويين، وممثلي القطاعات الحكومية، وكذا الهيئات المهنية والمجتمع المدني. وفي كلمة افتتاحية، ذكر الفاسي الفهري بالسياق العام الذي تنعقد فيه أشغال هذه الدورة، والتي تتميز بمواصلة تنفيذ الأوراش الاستراتيجية الكبرى في مجموع التراب الوطني، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. كما أشار الفاسي الفهري إلى أن قطاع التعمير يحظى بمكانة استراتيجية ضمن أولويات السياسات العمومية على اعتبار ارتباطه بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية للمجالات الترابية، وبالنظر إلى قدرته على الإسهام في عقلنة وتوجيه التدخلات العمومية ومواكبة الدينامية الاستثمارية وتقليص الفوارق المجالية. ولذلك، يضيف الوزير، فإن الوكالات الحضرية تشكل أداة للمواكبة، بفضل ما راكمته هذه المؤسسات من تجارب وخبرات في مجال التأهيل المجالي. وأوضح الوزير أن هذا الاجتماع يندرج أيضا في إطار التوجيهات الملكية السامية بشأن الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري، معتبرا أن الوكالات الحضرية ينبغي أن تعمل على إدماج هذه التوجيهات في مهامها مع مختلف الشركاء، من أجل تنفيذ المشاريع الاستراتيجية الكبرى للمملكة. واستعرض الفاسي الفهري سلسلة من الإجراءات التي تم اعتمادها لتعزيز اللامركزية واللاتمركز الإداري بالمغرب، مذكرا بأنه تمت المصادقة على الميثاق الوطني للاتمركز الإداري الذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من هذه السنة، مما يستدعي انخراط وتعبئة كل الطاقات والنخب المحلية بغاية وضع وتنفيذ مشروع نهضوي متوازن ومستدام، يرتكز بالأساس على دعم الاستثمار المنتج، وعلى تجاوز معضلة السكن غير اللائق، وإنعاش الحركة الاقتصادية وتأهيل المراكز الحضرية والقروية. واعتبر أن الوكالة الحضرية، بحكم اختصاصاتها، تتموقع في صلب هذا المشروع بحكم الأدوار الأساسية المنوطة بها في ميدان التعمير والتهيئة والتنمية الترابية، وكذا باعتبارها شريكا متميزا للجماعات الترابية في مسألة النهوض بشروط التنمية المحلية. وأكد الفاسي الفهري أن الوزارة بصدد بلورة توجهات السياسة العامة لإعداد التراب الوطني، كوثيقة استشرافية وأداة مرجعية تؤسس لمفهوم جديد للتخطيط المجالي، وتحدد بوضوح الأولويات الحكومية وخيارات الدولة في مجال إعداد التراب، على المستوى الوطني، وفقا لرؤية زمنية ومجالية مشتركة بين جميع الفاعلين على المديين المتوسط والبعيد، بالإضافة إلى وضع آليات اليقظة الترابية من خلال إحداث مرصد وطني. من جهة أخرى، ذكر الوزير بالمؤهلات الطبيعية والثقافية والمعمارية التي تزخر بها الصويرة، المدينة التي شكلت على الدوام فضاء لحوار الحضارات والتعايش بين العديد من الديانات، مؤكدا على ضرورة تعزيز هذا التراث وتثمينه بما يتماشى مع البرنامج التكميلي لإعادة تأهيل المدينة العتيقة للصويرة، موضوع اتفاقية الإطار الموقعة في 22 أكتوبر 2018 تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وقال إن التحديات المجالية الآنية والمستقبلية وتحقيق الأهداف المتوخاة من البرامج التوقعية للوكالة الحضرية للصويرة تستدعي من هذه الوكالة وضع مقاربة متجددة لتدبير الشأن الترابي ونهج سياسة تقوم على متابعة الجهود الرامية إلى تعميم التغطية بوثائق التعمير وديمومة مصاحبة وتأطير التوسع العمراني، وإعداد دراسات مرتبطة بالمحافظة على التراث التاريخي والمعماري والطبيعي الذي تزخر به مدينة الصويرة، واستحضار البعد البيئي في الدراسات التعميرية والنوعية، والتأهيل الحضري للرفع من جودة الإطار المبني وتحسن جمالية المشهد العمراني، والمساهمة في تنمية وتأهيل العالم القروي. ومن جانبه، أبرز عامل الإقليم أهمية قطاع التعمير في استراتيجية التنمية المستدامة والسياسات العمومية في المغرب، وذلك وفقا للرؤية السديدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مشيرا إلى أن هذا القطاع يشكل رافعة أساسية للاستثمار والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين عيش المواطنين. كما نوه المالكي بعقد الدورة التاسعة للمجلس الإداري للوكالة الحضرية، الذي يكتسي أهمية خاصة على أكثر من صعيد، باعتباره محطة أساسية لتقييم حصيلة عمل هاته المؤسسة، مشيرا إلى أنها تنعقد في وقت تعرف فيه الجماعات الترابية التابعة للإقليم حركية ودينامية مستمرة في مجال التعمير. وأشار، في هذا الصدد، إلى العناية المولوية السامية التي تشمل المدينة العتيقة للصويرة من أجل إعادة تأهيلها وتثمين موروثها المعماري والحضاري، مشيدا بالدور الذي تضطلع به الوكالة الحضرية للصويرة بشأن إيجاد الحلول الملائمة للإشكاليات المطروحة وفق رؤية شمولية ومنسجمة. ومن جهته، أبرز رئيس المجلس البلدي للصويرة، هشام جباري، الدينامية العمرانية التي يعرفها الإقليم بشكل عام ومدينة الصويرة على وجه الخصوص، معتبرا أنه من الضروري توجيه الجهود بهدف تشجيع الاستثمار ودعم المستثمرين، مع منح قطاع الإسكان الأولوية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، بما يتماشى مع احتياجات الساكنة دون المساس بمؤهلات وخصوصيات المدينة. كما سلط الضوء على المكانة الاستراتيجية التي تحتلها المدينة العتيقة داخل النسيج الحضري لمدينة الصويرة، التي تمثل تراثا عالميا يتطلب جهودا مشتركة للحفاظ وإعادة تثمين مكوناتها العمرانية المختلفة وأنشطتها السوسيو-اقتصادية. ومن جانبه، قدم السيد سعيد لقمان، مدير الوكالة الحضرية للصويرة عرضا مفصلا أبرز فيه منجزات الوكالة الحضرية لسنة 2018، والتي تميزت في مجال التخطيط الحضري بعقد شراكتين، الأولى دولية مع كل من مدينة جينجا الأوغندية وجامعة لاسابيينزا الإيطالية تهم تبادل الخبرات والتجارب في ميدان التعمير والهندسة المعمارية والمحافظة على التراث ثم التنمية المستدامة، والثانية محلية مع كل من جماعتي أقرمود وتمنار والمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش ثم الهيئة الجهوية للمهندسين المعماريين لجهة مراكش – أسفي. وأضاف أن الوكالة رفعت من وتيرة تغطية مراكز الإقليم بوثائق تعمير مرنة قابلة للتطبيق مع إيلاء أهمية خاصة للمراكز الصاعدة، وفي هذا الصدد أكد أنه خلال سنة 2018، تمت المصادقة على 05 وثائق للتعمير وإنهاء دراسة تعميرية خاصة، علاوة على تتبع إنجاز 33 وثيقة تعميرية أخرى. وبالنسبة لملفات طلبات الرخص المدروسة، أكد مدير الوكالة أنها كانت جد إيجابية، حيث بلغت نسبة الموافقة على مستوى مدينة الصويرة 70 في المئة، بينما وصلت إلى 80 في المئة بالنسبة لباقي الجماعات. وبخصوص المشاريع الاستثمارية، أكد السيد لقمان أن اللجنة الجهوية لمنح الاستثناء من المقتضيات التعميرية تبنت منهجية جديدة في التعامل مع مختلف المشاريع المقدمة تقوم على منح الاستثناء للمشاريع الحقيقة وذات الوقع الاقتصادي والاجتماعي على الإقليم، حيث درست اللجنة الجهوية 40 مشروعا، ووافقت على 08 مشاريع في حين تمت إحالة معظم المشاريع الأخرى وبحسب طبيعتها على الشباك الوحيد لرخص التعمير، واللجان الإقليمية المعنية. وفي مجال تجويد الخدمات العمومية والقرب والتواصل، أبرز السيد لقمان أن الوكالة الحضرية واصلت سياسة الانفتاح على المواطنين، لاسيما مغاربة العالم مع المشاركة في عدة منتديات وملتقيات محلية ووطنية ودولية تهم التعمير وإعداد التراب. بعد ذلك، قدم مدير الوكالة برنامج العمل التوقعي للفترة الممتدة ما بين 2019 و2021، والتي ستتميز بإعطاء الانطلاقة للعديد من وثائق التعمير من الجيل الجديد والدراسات الخاصة، بالإضافة إلى توقعات الميزانية وكذا برامج العمل المتعلق برقمنة الإدارة وتطوير النظام المعلوماتي. وفي ختام أشغال هذه الدورة، تم التوقيع على اتفاقيتي شراكة، الأولى بين مدير الوكالة الحضرية ورئيس هيئة المهندسين المعماريين لجهة مراكش – تانسيفت تهم المساعدة التقنية والمعمارية بالعالم القروي، فيما تم إبرام الاتفاقية الثانية بين الوكالة الحضرية للصويرة والمدرسة العليا للتكنولوجيا بالمدينة بهدف وضع إطار عام للشراكة والتعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك.