شكلت مدينة مراكش، التي يطلق عليها منذ زمن بعيد لقب وردة بين النخيل أو مدينة النخيل، محطة رئيسية للمنتجات المختلفة للتمور المغربية أو تلك المستوردة من الخارج، وذلك لتوفرها على سوق لهذه المادة الحيوية التي لا تخلو مائدة الافطار بدونها خاصة لدى ساكنة المدينة الحمراء. مع اطلالة كل رمضان، يعرف هذا السوق حركة دؤوبة وإقبالا متزايدا من قبل المواطنين، ما يتسبب في ازدحام يحجب الرؤية، كأن المراكشيين تداعوا إلى هذا السوق، "سوق الحلاوة"، كما وصفه أحد البائعين المستقرين بالسوق، ينادون عليه باسم عمي. قبل أقل من أسبوع على حلول شهر رمضان المبارك، فإن المنتوج المحلي من التمور لايغطي الطلب حسب التجار مما يفتح الباب أمام المنتوج المستورد من البلدان المغاربية ودول الخليج، فالعرض وفير وبأثمنة مختلفة، وكل ما تشتهيه النفس من حلاوة التمر موجود، علب من مختلف الأحجام والأوزان، لكن تبقى الجودة في التمر المحلي حسب أهل الاختصاص.
خلال زيارتها لسوق التمور، توقفت "كش 24" عن مجموعة من أصناف التمور الأجنبية المستوردة، من ضمنها التمور العراقية، والتمور الاماراتية التي عرفت استقرارا نوعيا من حيث الأثمان، والتمور المصرية والتونسية بأصنافها الثلاث "العرش"، و "المعسلة"، وصنف "ستاندار" التي تلقى إقبالا أكثر لدى المستهلك المراكشي. مع اقتراب الشهر الفضيل، يجلب عمي كل أنواع التمور من الجيهل، والمجهول والفكوس وبوسليخن، وآخر يسمى السكري إلى ارخصها وهو أبلوح. يقول عمي، وهو لقب يفضله عن اسمه الحقيقي، في تصريح ل"كش 24″، إن سوق التمور تعود إليه الحياة في كل مناسبة دينية، إلا أن اعظمها هو هذا الشهر الفضيل، ويمضي قائلا قد يخيل للمرء أنه يوجد بين أهالي زاكورة وورزازات ومحاميد الغزلان، الذين وصفهم بالكرم والأريحية ودماثة الخلق. كل تمور الدنيا دخلت إلى السوق مع منتصف شعبان.
وأوضح عمي أن المجهول صنف مغربي أصيل يعتبر من أجود انواع التمور المغربية لكونها تمتاز بحجم كبير قد يصل الى 30 غراما في الثمرة الواحدة ويفضله الفلاحون نظرا لقيمته في سوق التمور، ويتراوح تمنه بين 60 درهم و120 درهم للكيلوغرام حسب حجمه. من جانبه أكد الحاج عبد الغني أحد زوار السوق والذي دأب على التبضع مع نهاية شهر شعبان، أن المشتري يعاني دائما من مشكلة "التوجيهة"، موضحا أن الصفوف الأمامية تختلف عن الصفوف الخلفية من حيث الجودة، في حين أن التمور الأجنبية نادرا ما تصادف مثل هذه التلاعبات، كما أن وزن العلبة يكون خارج الوزن المعلن عليه. الجميع بهذا السوق الشعبي مقتنع أن المائدة الرمضانية لا تكتمل بدون التمر، والمتبضعون يختارون وفق ميزانيتهم التي بدت تضيق مع الكثير من الطلبات. فلا غرو ان تكون حلاوة رمضان وطقوسه تغلب على كل أنواع التمور، التي لا يستطيع أي أحد تصنيف مذاقها، حيث القناعات تختلف من تاجر إلى آخر ومن زبون إلى آخر.