هوية بريس – الخميس 12 يونيو 2014 المناسبة شرط كما يقال، ومناسبة هذا المقال هو خربشة قروعية على أحد المواقع الإلكترونية، ادعى صاحبها أنني ضبطت متلبساً لدى زيارة اللجنة الحقوقية لزنزانتي منهمكا في تناول وجبة مغربية دسمة (طاجين وبراد أتاي). ولم يكتف هذا الصحفي المناضل النزيه بالافتراء علي بل كفرني تكفيرا صريحا على مذهبه القروعي. وهو مذهب مشتق من كلمة قروع وهي صيغة مبالغة من القرع، ويعتنق هذا المذهب كل من كان أقرعا من المصداقية والنزاهة والأخلاق والشهامة والرجولة عاريا عن المبادئ والقيم. والمتشبع بهذا المذهب القروعي، ولشدة ارتباك صاحب تلك الخربشة فإن له في خربشته قولان: مذهب قديم لا نزال نحتفظ بنسخة منه ومذهب جديد حذف منه عبارات التكفير وتفاصيل الوجبة الدسمة. ولم تكن تراجعاته تلك عن دراسة واقتناع وإنما خوفا من الفضيحة واتقاء شرور عواقب التسرع والاندفاع. وعدا عن حقي في المتابعة القضائية لهذا الصحفي بتهمة الكذب والافتراء والسب والقذف والتكفير دون مستند أو دليل وإلى أن أناقش ذلك مع المحامي لا بأس أن نلقم صاحبنا هذا الحجر. حين أتأمل بعض فصول تاريخنا التي لا تخلو من قتامة الظلم وحمرة الدماء أقف مشدوها وأنا أحاول استغوار نفسية بعض أعوان الظلمة المظلمة. كثيرة هي الأحداث التي وقف فيها بعض مثقفي ومفكري السلطة من فقهاء البلاط وشعرائه موقف المحرض على هذا الداعية أو ذاك وهذا المعارض أو ذاك. وكانت صور التحريض تبلغ حدا من الجنون والهيستيريا حين يعمد فقهاء السلطة لتكفير المخالف وتحريض السلطة على قتله وتحمل مسؤولية ذلك وتبعاته الدنيوية والأخروية وكل ذلك بسبب موقف أو رأي عبر عنه هذا العالم أو ذاك. تحفل أحداث تاريخنا للأسف بمثل هذه المواقف السادية (اقتله ودمه في رقبتي)؛ حدث ذلك مع كل من الإمام أحمد وابن تيمية وغيرهما كثير، هكذا كان يلقي فقيه السلطة زخرف قوله غرورا لولي أمره ونعمته. أقلب صفحات التاريخ وأتوقف بين سطوره علني أظفر بمبرر يدفع فقيه السلطة وعالم البلاط لهذا التدني والانحدار اللاأخلاقي وأجهد نفسي في محاولة فهم سيكولوجية هذه العينات والأشكال من مرتزقة المثقفين ومتسولة المفكرين فلا أجد لها وصفا أو حالة تشبهها إلا تلك المومس التي تتقلب بين أحضان الزبناء أو لنقل بين أحضان زبانية السلطة. منذ أن حللت بالسجن وصنف من مرتزقة الصحافة يرفع عقيرته بالنباح كالكلب العقور: (اقتلوه ودمه في رقبتي)، وتطوع بعض زملاء المهنة بوضع لوائح من التهم تتراوح بين تكفيري وبين اتهامي أني إرهابي، وراحوا يتقلبون في أفرشة وسرر من يدفع لهم مجهدين أنفسهم بالإتيان بالشاذ من الحركات وغريبها لإرضاء وإشباع نزواته. أحد أولئك كتب خربشات لا زمام لها ولا خطام تفتقر لعناصر الخبر الصحفي والسلامة اللغوية والصياغة والتركيب السليمين إضافة إلى أنها تفتقر إلى التحري والنزاهة والأخلاق والشهامة والرجولة. فقد أخرجني هذا الصحفي من ملة الإسلام مستحضرا شعار أسلافه من فقهاء البلاط ومثقفي السلطة، عدا أنه أبعد ما يكون من الثقافة وأقرب ما يكون من أعوان السلطة ولا أقول السلطة (لأن السلطة بزاف على أمثاله وأمثال منبره الكاسدة بضاعته). ثم إن هذا الصحفي القروعي حشا خربشاته تلك منكرا من القول وزورا، وحيث أنه قول اللجنة التي زارتني ما لم تقله وأصدر تقريرا عن زيارتها وبيانا عن حالتي؛ في الوقت الذي لم يصدر عن هذه اللجنة أي شيء، بل على العكس تواصلت معها ونفت لي أن يكون لها أي علاقة بما كتب وأعربت عن استغرابها واستهجانها، فلم يبق إذن إلا مصدر واحد او بالأحرى زبون واحد أجهد صاحب الموقع نفسه بالحركات الشاذة والمخجلة ليرضيه ويشبع نزواته وهو الطرف الذي دخل في حالة من الارتباك والتناقض منذ أن دخلت في الإضراب، فتارة ينفي وتارة يؤكد وبالتالي فشهادة هذا الطرف في حقي مجروحة. وختاما أهمس في أذن صاحب تلك الخربشات الذي نصب نفسه خصما لي واشترى خصومتي بالمجان رغم أنني لا أعرفه وليس بيني وبينه أي مشاكل أو علاقة أو تواصل. أهمس في أذنه أن التاريخ خلد لنا أسماء أولئك المظلومين الثابتين الذين كانوا ضحايا التحريض المريض لمثقفي السلطة في حين كان مصير أولئك المحرضين اللاهثين وراء رضا السلطة وفتاتها مزبلة التاريخ ولم يخلد لهم التاريخ ذكرا، بل كلما ذكروا إلا وأقرن ذكرهم باللعن. وفي الختام أحتفظ لنفسي بكل أساليب ووسائل وطرق الرد على أمثال هؤلاء الحثالات الأوغاد لأني لاحظت أني كلما تجاهلت كذبهم وافتراءهم إلا وازداد غيهم وشرهم، يتسابقون لنيل الرضا بتقديمي قربانا أمام أعتاب السلطة ولسان حالهم ومقالهم يلهج: (اقتلوه ودمه في رقبتي). (الصحفي والحقوقي الأستاذ مصطفى الحسناوي – السجن المركزي بالقنيطرة المغرب).