توشك تجربة حكومة عبد الإله بنكيران على الانتهاء ولا تفصلنا عن إنتخابات التشريعية الجديدة سوى أيام معدودة، الشيء الذي يضع حكومة بنكيران في الميزان لتقييم حصيلة هته الحكومة، فلا شك أن ثمة انجازات قد تحققت في هته التجربة، وتقابلها إخفاقات أوتعثرات حكومة الربيع المغربي. لقد نجح رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في أن تكون تصرفات حزب العدالة داخل الحكومة تصرفات حزب سياسي لاحزب ديني بل تصرف بعقلانية وبراغماتية، حيث خاض حزبه بشكل خاص وحكومته بشكل عام بكل شجاعة اصلاحات هيكلية التي تحتاج إليها البلاد والتي قد تضر بحساباتها السياسية وبالتالي تراجع شعبية حزب بنكيران. لقد عمدت الحكومته إلى إصلاح صناديق التقاعد المهددة بالانهيار برفع سن التقاعد سن التقاعد من60 عاما الى 63عاما، وخفض المعاشات التي يتقاضاها المتقاعدون علاوة على رفع مساهمة الموظفين في صندوق التقاعد، هذه الاجراءات رغم مرارتها لكنها ضرورية للعلاج. ثم رفعت الدعم العمومي عن المحروقات قصد تخفيض العجز في موازنة، ورفعت ثمن الماء والكهرباء في فاتورة الأغنياء والطبقات الوسطى قصد حل معضلة العجز التي تهدد المكتب الوطني للماء والكهرباء. وبشهادة الصندوق النقد الدولي أصبح أداء الإقتصاد المغربي الأفضل عربيا إذ إرتفع معدل النمو وانخفض كل من عجز الموازنة ومعدل التضخم وزادت الصادرات ، وهذا ما كشف عنه مشروع قانون المالية، خلال 4 سنوات تمكنت الحكومة من تقليص عجز الميزانية إلى النصف وتقليص عجز ميزان المدفوعات الى أقل من الثلث، بفضل إصلاحات مسؤولة وجريئة، أضف إلى ذلك منح تعويضات مالية شهرية لفائدة الأراميل والمعاقين، وتوسيع التغطية الصحية التي إستفادة منها قرابة 10 مليون مغربي، وتخفيض ثمن بعض الأدوية، وزيادة منحة الطلبة وعدد الممنوحين. وبالمقابل أخفق بنكيران وحكومته في "عدم مباشرته لإصلاحات عميقة تحمي التجربة الديمقراطية من الانتكاس والتراجع على سبيل المثال إصلاح المؤسسة الأمنية وجعلها في خدمة دولة الحق والقانون، وإصلاح المشهد الإعلامي وجعله يتنفس الحرية ويتمتع بالمهنية والإستقلالية ويلعب وظيفة السلطة الرابعة ، و إصلاح منظومة القضاء ، وجعلها تدور مع ضمير العدالة لا مع هواجس السلطة"، وكان على الحكومة أن تبدع حلولا تخفض من نسبة البطالة التي تنخر جسم أكثر من % 22 من الشباب الحاصل على الشهدات حيث يدخل كل سنة الى سوق الشغل 140 ألف مغربي فيما لا تتوفر البلاد إلا حوالي 40 ألف منصب شغل. خلاصة أن تجربة الإصلاح التدريجي من الداخل في المغرب تجربة صعبة معقدة للغاية و"تحتاج إلى نخب تمتلك خريطة طريق نحو المستقبل "،بدعم الشعب لها. باحثة في التاريخ المعاصر.