ضرب إيداليا شمال غرب فلوريدا، صباح الأربعاء 30 غشت 2023، بقوة إعصار من الفئة الثالثة "في غاية الخطورة" تصحبه رياح عاتية وأمطار غزيرة، بينما حذّرت السلطات من تداعيات يمكن أن تكون كارثية في بعض أجزاء الولاية الأمريكية الجنوبية. وقالت سلطات الولاية إنّ الإعصار وتأثيره في رفع مستوى مياه المحيط ظاهرة نادرة الحدوث في المنطقة، وأمرت بعمليات إجلاء واسعة. إعصار خطير وأفاد المركز الوطني الأمريكي للأعاصير أن إيداليا الذي اجتاح غرب كوبا صاحبته رياح بسرعة 215 كلم في الساعة لدى وصوله إلى اليابسة حوالي الساعة 7,45 (11,45 ت غ) في منطقة بيغ بيند بفلوريدا. وقال المركز إنّ العاصفة وصلت إلى الشاطئ بالقرب من مجتمع كيتون بيتش، باعتبارها "إعصارًا خطيرًا جدًا من الفئة الثالثة"، وحذر من "احتمال ارتفاع المياه حتى خمسة أمتار في بعض المناطق الساحلية". وعلى الرغم من أنّ الإعصار فقد قوته مع تحركه باتجاه الداخل نحو جورجيا، ليصبح إعصارًا من الفئة الأولى، إلا أن السلطات حذرت من عواقبه ومن مخاطر ارتفاع المد. وخلافاً لمعظم المناطق الساحلية الأخرى في الولاية، لا توجد جزر قبالة بيغ بيند على طول خليج المكسيك، يمكن أن تشكّل مصدات. وقال المركز الوطني للأعاصير إنّ مستوى المياه ارتفع بأكثر من ستة أقدام عن المعدل الطبيعي في سيدار كي، وهي سلسلة من الجزر المطلة على الخليج، وحذّر من أن المياه على طول الساحل "ترتفع بسرعة". وقالت لشبكة "سي إن إن" شيلي بويفين، التي تدير دار ضيافة مجتمعية وتجاوبت مع الدعوة لإخلاء المنطقة إنّ "كل شيء يطفو. غمرت المياه كل شيء. لقد رأيت صورا للمد القادم، والمياه في كل مكان". وفي بلدة ستينهاتشي الساحلية الصغيرة على بعد حوالي 30 كيلومترًا من المكان الذي ضرب فيه الإعصار اليابسة، بدت الشوارع مهجورة والطريق الرئيسي غارقًا بأكمله تحت المياه. وقال باتريك بولاند (73 عاما) الذي خرج لتفقد الأضرار "كانت الريح شديدة، رأيت الأشجار تنحني في الفناء الأمامي لمنزلي، ولكن بخلاف ذلك، لم يتضرر المنزل". داخل جورجيا وفي منطقة خليج تامبا التي يقطنها نحو ثلاثة ملايين نسمة، غمرت المياه الشوارع والحدائق. ومع انخفاض المد في المنطقة، قالت رئيسة بلدية تامبا جين كاستور لشبكة "سي ان ان" إن "الفيضانات التي نشهدها الآن لا تقارن بما سنراه في غضون ساعات قليلة". وفي شمال مدينة تاربون سبرينغز، خاض الناس في المياه أو استخدموا الزوارق بحثًا عن الأمان، بعد أن غمرت المياه المنازل والشقق. وانقطعت الكهرباء عن أكثر من 278 ألف منزل في فلوريدا و52 ألفًا في جورجيا حتى الساعة 11:30 صباحًا، وفقًا لموقع التتبع "باور أوتاج". ومن المقرر أن يدلي الرئيس جو بايدن بتصريح في وقت لاحق عن الإعصار. وقال البيت الأبيض إن الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ جهزت الأفراد ووفرت الموارد مسبقًا للتدخل الطارئ. إغلاق المطارات والموانئ أما حاكم الولاية رون ديسانتيس الذي توقع أن يخلف الإعصار الكثير من الحطام فدعا سكان المناطق المشمولة بأوامر الإخلاء في 23 مقاطعة على طول ساحل خليج فلوريدا إلى المغادرة والتوجّه إلى الملاجئ أو الفنادق المخصصة لإيوائهم. وقال ديسانتيس في وقت سابق إن الإعصار في طريقه ليصبح الأقوى الذي يضرب المنطقة منذ أكثر من قرن. ويشير خبراء الأرصاد أيضا إلى ظاهرة "القمر العملاق" التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع المد فوق المعدلات الطبيعية عندما يضرب إيداليا الساحل. وتحسبًا لوصول إيداليا، تم إغلاق مطار تامبا الدولي والمطارات الإقليمية الأخرى في حين تأثرت الرحلات الجوية على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة مع تحرك الإعصار الآخر فرانكلين، في المحيط الأطلسي. وأُغلقت العديد من موانئ فلوريدا أمام حركة السفن اعتبارا من مساء الثلاثاء، وفقا لخفر السواحل الأمريكي. "موجة حر بحرية" في كوبا، أدى الإعصار إلى هطول أمطار غزيرة في عدة مناطق بما فيها أجزاء من العاصمة هافانا وأغرقت نحو 200 ألف شخص في الظلام لكن من دون تسجيل قتلى. تحرّكت العاصفة بعد ذلك إلى الخليج الذي يقول علماء إنه يشهد "موجة حر بحرية" ما زاد من قوة الرياح المصاحبة لإيداليا. من المتوقع أن تؤدي درجات حرارة المياه القياسية قبالة ساحل فلوريدا إلى تفاقم العواصف الأطلسية هذا الموسم، فيما يلقي العلماء اللوم على تغير المناخ الذي يسببه الإنسان في الاتجاه نحو الاحترار العالمي. في يوليوز، سجلت إحدى العوامات قبالة الطرف الجنوبي للولاية ذروة مثيرة للقلق بلغت 38,4 درجة مئوية، وهو رقم قياسي عالمي جديد محتمل. تزود أسطح البحار الأكثر سخونة الهواء فوقها بمزيد من الطاقة مما يؤدي إلى ضخ مزيد من القوة في رياح العواصف المارة بها. وحذّر علماء من أن العواصف باتت أكثر قوّة فيما ترتفع درجات الحرارة في العالم نتيجة التغير المناخي. قُتل نحو 150 شخصا على الأقل العام الماضي عندما ضرب الإعصار إيان من الفئة الرابعة ساحل فلوريدا الغربي، متسببا برفع مستوى مياه المحيط وبرياح عاتية أسقطت جسورا وجرفت أبنية، حسب "أ.ف.ب".