بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.. أحبابي الكرام: أُطلقُ العِنانَ لقَلمي.. وأستَدعِي ما يُطاوِع متَواضِع بَيانِي.. وما يَجري مِن بَوْحِ الحُبِّ على لساني..لأتكلم عن مَحبُوبةٍ عَشقْتُها مِن ضُحى عمري.. وسهرت الليالي الطوال أرتشفُ رُضاب الذَّوق من دوانِي جَناها.. تشكِّل تضارِيس الوِجدان.. وتصوغُ الألحانَ أنهارا مِن حدائقِ الريحان.. رياضُها تُغري وتَسبي.. لها عدَّة أبواب.. من أيِّ بابٍ دخلتَ رأيتَ أشجارَ الفِكرِ تتدلى أغصانها.. ويسوغ للعاشق قِطافُ معانيها.. ومنادمةُ مَغانِيها..إنها مصرُ العلم والفكر والأدب.. مصر القرءان.. ولَّادةُ القمم الشامخة التي تَسيَّدت حتى سَادتْ.. وشيَّدت حتى شادت.. هل أتحدث عن حضارتها؟ فذاك أشبه بحلمٍ لاح لعين الساهر..وتهادى في خيالٍ عابر..كيف لي أن أغوص في بحار ماضيها ومِجدافي لا يُطاوِعني..؟هل أتحدَّثُ عن أمم سكنَتْها فشكَّلتها دُررًا تشعُّ أضواءُها..وصَاغَتْها لحنًا عبقريا لا يُدركُ مداه..هل أقفزُ من أعماق التاريخ لأعانق ماضيها القريب..وأرخي سمعي لقارئها محمد رفعت يُخرج الشَّهد تلاوةً سماويَّةً ترفع تاليها..ويُرخي الزمان السَّمعَ مُذعِنًا إذعان الولهانِ في دروبِ معانِيها…هل أتكلم عن إمام التمهير سيدنا الحصري ينثر التلاوة عطرا يضوع عبيرها…ويصل التلاوة إسنادا ذهبيا يصله بسيد المرسلين تكرمة جل معطيها … أم أتحدَّث عن سيدنا المنشاوي يرفع القلوب لتعانق أفقا لا يستقبل إلا مَن يُصغي للإعجاز مِن فِيِّ تاليها..أم أمرُّ على روضٍ مزهرٍ يغرِّد فيه مصطفى اسماعيل..ينثر ورود النَّشوة والخشية في نواحيها..أم أستمع للبهتيمي ينوح نوْح الثكلى بالآي يُبرز المعاني ثُم يُجَلِّيها… أم أرجِع إلى ديارِ علي مَحمود وهو يصدَح كالطير في نواديها…..أشرِق فيومك ساطعٌ بسَّامُ..فياجِيرة الشَّعبِ اليماني بحقكم صِلُوا أو مُروا طيفَ الخيال يزور…بعدتِ يا مصر مَنزلا..ولم يزل حبكِ في القلب مُنزلا….قرَّاء لو جلستُ أحْصي الأسماء مع الأسرار ما وفَّت للمعانِي مبانِيها..وإن ولَّيتُ وجهي قِبَل الشِّعر أجابنِي الأميرُ شوقي..يعبِّر عن شوْقِي..ويترجِم صبَابتِي.. والباشا البارودي يُطرِّز الأشعار ينْظم قوافيها ، والشعراء قد صاغوا جواهرا أصغى الزمان لها وطاب مُصغيها..والعلماء بها طارت علومهم..في كل فج لهم عطر فاحت به نواديها …أما الطبيعة فللجمال بها سكن يكسو روابيها..بدت خودا لها الأغصان شَعرٌ..والسفح ثغر والنيل ساقيها…والعظماء بها مضوا غر الوجوه يُنبي عن تواليهم تواليهَا…وللبهجة بها مقر يصفو فلا الدِّلاءُ مكدٍّرةٌ ولا الأحداث تُخفيها…يامصر إن الأشواق غالبةٌ تسوق السٌّحْبَ العِذابَ وسفينة الحب فيك حطت مراسيها..ماذا أقول والألفاظ قاصرة والجمال يعييها…!! دامت مصر بالخير وللخير تشدو..فالعز تبغيه ويبغيها…والأرض محفوظة والله راعيها…. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري