عقد المركز المغربي للاقتصاد التشاركي MICE بشراكة مع مختبر البحث في العلوم القانونية والتنمية المستدامة – جامعة ابن زهر-، وبتنسيق مع كل من فريق البحث في القانون وفقه المعاملات بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية -جامعة ابن زهر-، وفريق البحث في القانون المدني وقانون الأعمال بكلية العلوم القانونية والسياسية – جامعة ابن طفيل-، وبمشاركة أمنية بنك، ندوة علمية عن بعد بعنوان: (تجربة المالية التشاركية بالمغرب: القضايا والتحديات القانونية). وذلك يومي 20 و21 يونيو 2023م، وكان ضيف الشرف لهذه الندوة الدكتور "عمر الكتاني". ويتوزع برنامج الندوة على ست جلسات، أولاها افتتاحية، وأربعة علمية، وسادسة حوارية. في الجلسة الافتتاحية والتي سيرها الدكتور "منصف الطيبي" تناولت الكلمة الدكتورة "بديعة منان" باسم المركز حيث تحدثت عن سياق الندوة الذي يأتي للإسهام في النقاش الوطني حول مستجدات المالية التشاركية، وتهدف إلى الوقوف على أهم القضايا والتحديات القانونية المتعلقة بالتجربة المغربية وسبل تجاوزها، واستشراف آفاق تطويرها عبر تحليل الاكراهات سعيا للبحث عن الحلول وهو ما يضطلع به مجموعة من العلماء والمختصين في المجال المالي والقانوني و الشرعي والمهني المساهمون في تأطير هذه الندوة، كما قدمت ورقة تعريفية للمركز مضمنها أنه مركز مستقل غير ربحي تأسس سنة 2019م بمدينة أكادير من قبل مجموعة من الباحثين والمهتمين بالاقتصاد والمالية التشاركية، منتسبين لثلاث مجالات الفقه والاقتصاد والقانون. بعدها كانت كلمة ضيف الشرف للدكتور "عمر الكتاني"، و التي أشاد فيها بالجهود المبذولة في إنجاح هذه الندوة من الجهات المنظمة، حيث اعتبرها معبرة عن انبعاث الاقتصاد الإسلامي من خلالها كمؤسسة بحث، ومن خلال البحوث الأكاديمية المنجزة على المستوى الوطني في كليات الآداب الدراسات الشرعية، وفي القانون، والاقتصاد، حيث ثمن كل مبادرة في هذا الصدد تحمل رسالة الرجوع إلى الهوية الإسلامية العلمية الفكرية والدينية والخلقية للاقتصاد الإسلامي. وفي كلمة أمنية بنك التي قدمها "عبد الله زيكي" مدير وكالة آيت ملول لأمنية بنك عبر فيها عن كلمات الشكر للمنظمين لجنة علمية وتنظيمية والشركاء والحضور المشاركون والحضور المتابعون، ثم قدم نبذة عن أمنية بنك وعن الخدمات التي تقدمها لعملائها في إطار البنك التشاركي. ثم تحدث الدكتور "البشير عدي" بالمناسبة معبرا عن أن التجربة المالية التشاركية بالمغرب تجربة فتية وشجية، عرفت طريقها نحو التشريع والتقنين (قانون مؤسسة الائتمان، ومدونة التأمينات…)، وتأتي هذه الندوة حسب تعبيره لتسليط الضوء على الإشكالات والتحديات، وإيجاد الحلول والاقتراحات والبدائل وتقديم توصيات للرفع من المالية التشاركية. وباسم فريق البحث في القانون المدني وقانون الأعمال بكلية العلوم القانونية والسياسية –جامعة ابن طفيل- تكلم الدكتور "أحمد بنطالبة" عن أهمية موضوع الندوة باعتباره من أهم مواضيع قانون الأعمال، وأن البنوك التشاركية منذ عرفت بالمغرب قدمت إضافة وإغناء للنسيج الاقتصادي ببلادنا، وأنه اليوم تأتي ضرورة استكمال الإطار التشريعي للاستفادة من ثمارها، حيث أن الواقع أبان عن إكراهات عديدة ينبغي تجاوزها في اتجاه تحقيق النجاعة والفعالية. في الجلسة العلمية الأولى والتي سيرها الدكتور "محمد لفريخي" عرفت تقديم ثلاث ورقات علمية، الأولى بعنوان (العقود التشاركية في التشريع المغربي خصائصها وخصوصياتها) قدمها الدكتور "البشير عدي" أستاذ بجامعة ابن زهر، تناول فيها الخلل الذي يقع عند بعض الباحثين في تناول العقود التشاركية حين يغيبون خصائصها وخصوصياتها، معتبر أن مفهوم العقود البنكية التشاركية هو مفهوم مجازي وتجاوزي مشيرا إلى أن عمليات الأبناك ليست كلها تشاركية محضة، فهي تقدم منتجات بنكية تمويلية، وعقود مداينات، وعمليات تقنية وخدمات، حيث يتقاطع الشرعي بالتجاري بالقانوني والبنكي، وبعضه ينسخ بعض، ثم تحدث بعدها عن خصوصيات التجاري في الاثبات والتقادم والاختصاص القضائي والمسطرة أمام المحاكم، وعن الخصائص البنكية في الطابع الاعتباري والإذعاني ومدى اعتبار العرف المهني والعادة، أما الخصائص التشاركية فهي ذات صبغة شرعية في عمقها وتناولها من خلال ( القانون 12-103، و الرأي بالمطابقة، والمنشورات لوالي بنك المغرب…الخ)، وأنه عند عدم استحضار خصوصية كل عقد يحصل الاختلال في الفهم لطبيعته. وفي الفقه القانوني المواكب لها. وفي الورقة الثانية المعنونة ب:(الطبيعة التعاقدية للمالية التشاركية) تحدث الدكتور "صديق خطاب" عن أن التنمية المستدامة تتطلب توفر موارد مالية داخلية وخارجية، وهذه الموارد يمكن ان تكون ذات طابع تقليدي (البنوك التقليدية) ويمكن أن تكون في إطار المؤسسات التشاركية، هذه الأخيرة التي يؤطرها البعد القانوني والشرعي الذي يرفعها إلى مستوى المرابحة بدل التعامل بالربا ومن أهم أساليبها الدخول في علاقة شراكة مع شركاء متعددين، ليفصل في مفهوم الشراكة لدى البنوك التشاركية، وفي قانون الالتزامات والعقود، وفي قانون الشركات. بعدها قدم الدكتور "سيدي أحمد الهيبة ماء العينين" ورقة بعنوان: (عقود تمويل الشركات في البنوك التشاركية)، ممهدا بأن كل محاولة للنهوض تقتضي وجود اقتصاد قوي يستمد من الأصول والفروع من العقيدة و الشريعة، وتحدث فيها من خلال محورين الأول حول نقاط القوة في الانفتاح على الاستثمار (صمود القطاع المالي المغربي في وجه الأزمات المتعاقبة، الحكامة الجيدة، الملاءمة مع القوانين الوضعية، صندوق الضمان المركزي…) ومن خلال نقاط التطوير المتمثلة في (عدم جاهزية الإطار القانوني، عدم قبول حاملي المشاريع لمبدأ المشاركة، ضعف كفاءة أصحاب المشاريع، ضعف العمق المالي للبنوك التشاركية، محدودية القطاعات التي يمكن تمويلها، وانتشار ثقافة استثمارية غير موافقه لمعايير البنوك التشاركية). وفي الجلسة العلمية الثانية التي سيرها الدكتور "عمر العسري" تم عرض ثلاث مداخلات حول الرقابة والمطابقة الشرعية للبنوك التشاركية، قدم أولاها الدكتور "إبراهيم بامحمد" بعنوان: (رقابة البنك المركزي على البنوك التشاركية) حيث عرف بمفهوم الرقابة باعتبارها مجموعة من القواعد والإجراءات والأساليب التي يتبعها البنك المركزي في رقابته على البنوك التشاركية، وهي رقابة على مستوى عملي ونظري وقانوني، وتتنوع إلى ررقابة كمية ونوعية وقانونية، معتقدا أن أهم مشكلة تعترض البنوك التشاركية هي تفرعها عن بنوك تقليدية، والتي تخضع لمعايير رأسمالية، مما يجعلها كجزر معزولة في بحر من البنوك الرأسمالية. والمداخلة الثانية كانت بعنوان: (خصوصيات المطابقة الشرعية على البنوك التشاركية وآفاق تطويرها) قدمها الدكتور "عبد الرحيم الأمين"، وللوقوف على مضمون هذه المداخلة، يستحسن قراءة كتاب الدكتور والذي نشر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لسنة 1443ه/2022م بعنوان: (المطابقة الشرعية على البنوك التشاركية في ضوء الفقه المالكي والقانون البنكي المغربي -دراسة تأصيلية مقارنة-) وهو في 519 صفحة. وقدم الدكتور "أحمد خرطة" المداخلة الثالثة بعنوان: (المطابقة الشرعية وقضايا التنظيم القانوني)، تحدث في بدايتها عن النشأة المحتشمة للمعاملات البديلة التي لم تلقى قبولا حسنا، الأمر الذي دعى المشرع إلى مأسسة هذه المعاملات، وإدخال المجلس العلمي الأعلى من خلال الرقابة الشرعية وتسطير مجموعة من المقتضيات القانونية، وتعيين لجنة الرقابة الشرعية والتي تضم خيرة علماء المغرب، ودعا إلى ضرورة منح اللجنة وظيفة المراقبة البعدية، معتبرا أن القانون (12-103) في مادته 64 قدم نوعا من التساهل مع هذه الأبناك. وفي الجلسة الثالثة من اليوم الثاني والتي سيرها الأستاذ "محمد السميلي" كانت أولى مداخلة للدكتور عبد الرحيم الكتامي تحدث فيها عن واقع وتحديات الاستثمار التشاركي، منطلقا من سؤال: هل البنوك التشاركية تفضل المخاطرة أم أنها تفضل السلامة؟ مجيبا: أن الواقع العملي أبان أنها تفضل السلامة لأن الرأسمال جبان كما يقال =(هيمنة المرابحة على خدمات البنوك التشاركية)، وبالرغم من ذلك فإنه مع حداثة تجربة البنوك التشاركية، فإنها -حسب الدكتور- أبانت عن قدرتها على الصمود في نشاطاتها ومنتوجاتها، ومن المتوقع أن تعرف انطلاقة جديدة مع صدور قانون التأمين التكافلي، ثم عرض للاستثمار التشاركي من خلال صيغ المغارسة والمزارعة والمساقاة، موجها الأنظار إليها باعتبارها صيغ مهمة في الاستثمار الفلاحي (إحياء الأراض الموات، وغرس الأراضي البيضاء)، وأن الحاجة تدعو إليها الآن من خلال ابتكار صيغ لها في إطار الهندسة المالية التشاركية، وأن من شأن هذا الاستثمار أن المساهمة في التنمية الاقتصادية عبر تخفيض التكاليف الزراعية، الحد من التضخم، وكذا توفير الأمن الغذائي، وتشغيل الطاقات العاطلة، والمساهمة في دعم الإنتاج الصناعي بالمواد الأولية الفلاحية. وفي المداخلة الثانية قدمت الدكتورة "فاطمة آيت غازي" ورقتها عن الوديعة الاستثمارية في البنوك التشاركية واقعها وآفاقها، معتبرة أن هذا الموضوع لم يأخذ حقه في البحث من خلال مختلف الدراسات والندوات التي تناولت المالية التشاركية، وأن التحديات القانونية لم تعد مطروحة الآن، وأن ما يطرح هو التحديات على مستوى الممارسة العملية والواقع، ثم تناولت مفهوم الوديعة الاستثمارية بالتعريف والتفصيل، ومتحدثة عن الوديعة الاستثمارية لدى أمنية بنك وأثرها في ضخ وتمويل المشاريع، وختمت بالاشادة بتجربة البنوك التشاركية داعية إلى العض عليها بالنواجد، وخلق وعي عمومي بأهميتها ودورها الفاعل في الاقتصاد الوطني. أما الجلسة الرابعة فكانت من تسيير الدكتور "أحمد بنطالبة" وتناولت محور التأمين التكافلي، عرفت ثلاث مداخلات الأولى للدكتور "محمد حيسون" بعنوان (إطلاق التأمين التكافلي ودوره في تطوير المالية التشاركية بالمغرب)، متسائلا في مستهل مداخلته هل سيكون للتأمين التكافلي دور في تنمية وتطوير المالية التشاركية بالمغرب؟ مجيبا: أن المؤشرات الاقتصادية ( تطوير القطاع البنكي، طموح المغرب في الدخول إلى تحدي الكبار، القطب المالي بالدار البيضاء تصدر افريقيا من حيث حجم المعاملات) كل هذا يبشر بالخير، مضيفا أن التأمين التكافلي أملته الحاجة الشرعية كبديل عن التأمين التجاري، لأن العمل البنكي لا يخلوا من التعرض للمخاطر والكوارث والجوائح، وهنا يأتي دور التأمين التكافلي في تغطية الأضرار وتعويض الخسائر باعتباره مكملا للمنظومة المالية للبنوك التشاركية، ولا سك في رأي الدكتور أن التأمين التكافلي سيساهم في تطوير البنوك التشاركية التي كانت مقيدة اليدين، داعيا في ختام مداخلته إلى إطلاق الأوراش التشريعية للرفع من منظومة المالية التشاركي، وزيادة الوعي والثقافة في المالية الإسلامية، والرفع من وثيرة إصدار الآراء بالمطابقة ونشرها. وفي المداخلة الثانية للأستاذ "محمد أمين أكوزول" والتي عرض فيها (التأمين التكافلي والواقع المغربي: منتوجاته – شركاته- مطابقته) من خلال التقديم لأنواع التأمين (التأمين على الأشياء، التأمين على الأشخاص) مقدما أيضا تعريفات لكل من (مقاولة التأمين وإعادة التأمين، عمليات التأمين التكافلي، صندوق التأمين التكافلي، عقد الاستثمار التكافلي، التسبيق التكافلي، الفوائض التقنية والمالية)، بعدها تحدث عن المنتوجات التكافلية، والشركات المتواجدة حاليا، والمطابقة الشرعية. وفي المداخلة الأخيرة للدكتور "علي بن بريك" والمعنونة ب: (قراءة في قانون التسنيد: تطوره وموقع الصكوك فيه) تحدث فيها عن التجربة الإسلامية في مجال صكوك الاستثمار (ماليزيا، قطر، الإمارات العربية المتحدة، السودان)، وجهود المغرب المتأخرة في هذا المجال، متسائلا عن مدى إمكانية تطوير صكوك الاستثمار في المغرب في ظل المشهد الاقتصادي والمالي؟. وبعد أن قدم تعريفا لصكوك الاستثمار تحدث عن تطور رصيدها الفقهي والقانوني، ليختم بالحديث عن خصائص هذه الصكوك. وفي الجلسة الختامية الحوارية التي ضمت كل من الدكتور "عمر الكتاني" والدكتور "محمد قيراط" والدكتور "عمر العسري" والدكتور "فدوى الزوهري" ومن تسيير الدكتور "إسماعيل شوكري"، تناولت هذه الجلسة محور دور الجامعة المغربية والبحث الجامعي في تطوير المالية الإسلامية، والمحور الثاني عن حقيقة التحديات القانونية التي تواجه البنوك التشاركية. وتجدر الإشارة إلى أن جل المداخلات التي مرت في هذه الجلسات متوفرة على قناة المركز المغربي للاقتصاد التشاركي عبر اليوتيوب وصفحتها عبر الفيسبوك.