هوية بريس – الأربعاء 06 أبريل 2016 هل كان المتغلب الفاقد لشرطه "يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا"، سيجرؤ أو سيقدم على قتل النفوس المعصومة لولا تغييب الجامية والمداخلة ومن على شاكلتهما لهذا الشرط الوارد بجلاء في صحيح مسلم، والاقتصار على رواية البخاري: "اسمعوا وأطيعوا وإن أُمِّر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة"؟؟! إنها الأفهام المغلوطة والمنحرفة للدين الإسلامي الصحيح المحفوظ، وكذلك تزيينهم لفعلته الشنيعة النكراء تحت ذريعة استئصال "الإخوان"، أو تحت ذريعة أسوأ من سابقتها "طاعة الحاكم المتغلب" دون شروط ذكرت واحدا منها وهو قاصمة ظهورهم يا أهل الإنصاف، "فإعمال الدليلين خير من إهمال أحدهما". وهذه قاعدة في الفقه الإسلامي لا تخفى على صغار طلبة العلم، ولكنه الهوى الذي يذهب بالعلم والعدل والإنصاف، والأدهى من ذلك لا يذكرون تلك الشروط لأتباعهم في دروسهم وخطبهم ومؤلفاتهم وتجمعاتهم، فجاءت فتاويهم كبرق خاطف يضيء ظلام الاستبداد ثم يعود لظلمته قبل أن يرتد إليك طرفك، مقرونا بكلامهم المدوي المزلزل كعاصفة رعدية تتبعها تزكيات ممن تشابهت قلوبهم واتحدت أهدافهم كتساقطات مطرية غزيرة، مصحوبة بتهاني وتبريكات كرياح عاتية قوية تطهيرا للأرض من فيروس عدوى الإخوان "وفوبيا الإخوان"، وكأنهم النذير العريان، وكأن المشروع الإسلامي حكر على الإخوان. نعم فتاوى جاهزة وحفنة ممن علتهم مسحة من السلفية فحُسبوا عليها زورا، وعوامل أخرى خارجية وداخلية لا تخفى على لبيب كلها أجهزت على الأمل الذي كان مع المظلومين وجعلتهم في لمح البصر خوارج عن بيت الطاعة وأهل فتنة متمردين، ويعني ذلك جواز قتالهم وقتلهم واستحلال دمائهم..، لأن التوصيف يقتضي الحكم بأنهم كلاب النار..، وأنهم شر قتيل تحت أديم السماء..، وقد أسقطت أحاديث الخوارج حيث لا مناص، وأُرخيت ستائرها على الإخوة والإخوان في مصر بتعليب إسلامي حقوقه محفوظة "ماركة مسجلة للجامية المدخلية ومن شابههما"!! وكما كان يقال: "اقتله يا أمير المؤمنين.. ودمه في عنقي!"، فقد أعاد التاريخ نفسه وهذه المرة بعقلية الجامية المدخلية المصرية رسلان والرضواني وزهران وبمدد ممن يمدونهم بدراهم ممدوووووودة وليست معدووووووودة نعم إنه التاريخ البائس الشاهد على خيانتهم وتأليبهم بلا ريب ولا مَيْن! ومن غرائب كلامهم الذي تضمنته بعض فتاويهم، احتكار السلفية، والوصاية عليها، والحق ما دانوا به، وما سواه زيغ وانحراف عن الجادة، فيدخلون السلفية من يشاء مشايخهم ويخرجون منها ما جرحه مشايخ جرحهم الذي لا علاقة له بعلم الجرح والتعديل، كما يرفضون نعتهم ب"جاميين، ربيعيين، حداديين، فالحيين، جابريين، رحيليين"، ويتفانون في نفي هذه الألقاب عنهم، والأغرب من ذلك تصدع صفهم وتفرقهم كحال أهل البدع، وكيل التهم لبعضهم ورفيق الدرب بالأمس يرمي عدو اليوم بالبدعة وفساد المنهج ورحم الله قوام السنة الإمام الأصبهاني، حيث قال في وصف من هذا حاله في كتابه "الحجة في بيان المحجة": (وأما إذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع، رأيتهم متفرقين مختلفين أو شيعا وأحزابا بل لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقة واحدة في الاعتقاد، يبدع بعضهم بعضا، بل يرتقون إلى التكفير، يكفر الابن أباه، والرجل أخاه، والجار جاره، تراهم أبدا في تنازع وتباغض واختلاف، تنقضي أعمارهم ولم تتفق كلماتهم: "تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ"). والعجيب عند هؤلاء القوم أنهم يثورون إذا سميتهم تمييزا بالمداخلة أو الجامية أو… ولا يجدون حرجا في وصف غيرهم بالقطبية والسرورية والإخوانية، علما أن هذه التسميات من إيحاءات مشايخهم وسدنتهم لا غير. قد يقول قائل هذا كلام مبالغ فيه وراءه ما وراءه!!!! أقول: ليست هناك مبالغة بل ربما قلمي كان ناعما معهم وكلما هم بتفريغ حبره في أسطر تظهر فساد منهجهم تقريعا وتبكيتا كبحت جماحه وإن كان لا يطاوعني لأنه حر يمارس حقه في الكتابة والتعبير، لأنهم يريدون أن يكونوا الأوصياء الوحيدين على توضيح مفهوم الطاعة والولاء والتكفير بل وكل الدين على مقاسهم، وأنهم فقط الذين يفهمون الوسطية والاعتدال على معانيهما الحقيقية وفق التفسير الطائفي المقدس عندهم بل والمقدم على المأثور، فالقول ما قال ربيع، والسلفي من زكاه ربيع، والمجروح والمندس من جرحه ربيع، كما قال الشاعر: وهل أنا إلا من غزية إن غوت***غويت وإن ترشد غزية أرشد! وهذه نصائح مني لبعض ضحايا أتباع الفكر الجامي المدخلي ولا أعمم ممن عششوا وفرخوا في مملكتنا المغربية حفظها الله من دسائسهم وحرسها الله على أيدي علمائها المغاربة الذين لا يرضون بالمناهج المستوردة كما جاء في خطاب ولي أمرنا الملك محمد السادس نصره الله، وحرصوا على إقصاء من لا يحمل فكرهم حتى لو كان من السلفيين الأقحاح. لا تغتروا كثيرا فدوام الحال من المحال، وستندحرون من وطننا إن عاجلا أم آجلا، بتاريخ أسود قاتم غاية في القتامة يشهد على مواقفكم المخذولة وبغيكم و جوركم وظلمكم وفجوركم في الخصومة. إربعوا على أنفسكم، وراجعوا منهجكم، وحاسبوا أنفسكم قبل يوم لا ينفعكم فيه لا الجامي ولا ربيع ولا رسلان ولا زهران ولا البصيرة ولا… كفوا ألسنتكم عن أعراض العلماء والناس، ولا تقولوا عنهم ما ليس فيهم، وقد حذر الله ونهى عن ذلك أعظم النهي، فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً" (الحجرات:12)، ولم يقل إن كثيرا من الظن إثم، ومع ذلك حذَّر من كثيره لأنك لا تعرف أيها الإثم، وأيها ليس بإثم، إلا إذا اجتنبت كثيراً من الظن، وهذا الظن السيئ تأتي معه شبهاتٌ وأدلة لا أصل لها في الحقيقة، فكيف إذا كان الأمر اختلاقا وافتراء ومجازفة بغير علم وبغير حجة ولا برهان ولا بينة؟ وفي آية أخرى: قال تعالى: "وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا" (النساء:112)، وقال سبحانه في موضع آخر: "وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا" (الأحزاب:58)، وفي الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال" رواه أحمد، وأبو داود وصححه الألباني، وفي رواية صححها الألباني في الصحيحة "قالوا يا رسول الله: وما ردغة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار". لا تجعلوا أيديكم في يد من يحارب الدعوة والدعاة والمصلحين، فإن لم تستطيعوا أن تقوموا بدورهم في الأمر والنهي والنصح والتوجيه والبيان مع مراعاة المصالح والمفاسد، فعلى الأقل لا تكونوا أدوات تُستخدم لإعاقة طريقهم ودعوتهم. لا تسلكوا طريقة أهل البدع والضلال القديمة، وهي استعداء الحكام والسلاطين على أهل العلم والمصلحين كما فعل أحمد بن أبي دؤاد مع الإمام أحمد بن حنبل، وكما فعل رؤوس أهل البدع مع شيخ الإسلام ابن تيمية. أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم***من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا "فستذكرون ما أقول لكم". ولا تنسوا أن الله سمانا "المسلمين" فبالتالي لا تلقبوا مخالفيكم "قطبيين" "سروريين" "إخوانيين"، كما تلقَّونه من مشايخكم وتلوكونه بألسنتكم، وترددونه ترديد الببغاوات، وكتبهم ومحاضراتهم وتغريداتهم ومقالاتهم، لا تكاد تعدم منها هذا التنابز بالألقاب. مع الأسف إنها أفهام منحرفة خدّرت عقول بعض الشباب، وعبَّدتها لطريقتهم، وهي تظنها الدين القويم، والسبيل الذي لا اعوجاج فيه، فأجلبوا عليهم بخيلهم ورَجلِهم وطفقوا يبحثون في التاريخ ليحرفوه، وفي النصوص الشرعية ليلْوُوا أعناقها، أو يبتروها لتوافق ما ذهبوا إليه. فويلٌ للمصلين، لكن هذه المرة "المصلين" لم تنههم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر وقول الزور وانتحال دور المربين كلابس ثوبي زور كما في الصحيحين. فقارعوا الحجة بالحجة، ودعوا السفاسف وقول الباطل ورمي من يحذر منكم بما هو منه براء. وما من كاتب إلا سيفنى***ويبقى الدهر ما كتبت يداه فلا تكتب بكفك غير شيء***يسرك في القيامة أن تراه