من أمتع الكتب التي كشفت سرقات الحداثيين العرب هذا الكتاب للشيخ إبراهيم السكران. كتاب مركز دون إنشاء أو خواطر كأنه مجموعة "تدوينات" دقيقة. وقد اطلعت عليه قبل سنوات لكن بعض القراء ذكروني به لأبحث عنه في مكتبتي وأجد أنني أشرت تحت بعض فقراته. وبخصوص الجابري -الذي أضحك العقلاء وأبكى المراهقين- يكشف السكران سرقاته بالدليل الصريح. فمثلا ثلاثية البيان والعرفان والبرهان مسروقة حرفيا من هنري كوربان؛ بل إن الجابري يبدو أنه كان لديه تعاقد خاص مع كوربان لأنه سرق منه الكثير دون إحالة؛ والسرقة لا تعني فقط خطف معلومات بل تعني تبني نفس المواقف؛ أي أن الجابري كان مجرد مقلد لكوربان في عدد من مواقفه؛ بل ينشر السكران فقرة لكوربان أخذها الجابري حرفيا تقريبا. والاعجب من هذا أن السكران يفضح تلبيسات الجابري الذي كان يفسر كل شيء بالسياسة؛ حتى جمع القرآن؛ فيدعي بأن ابن حزم كان لديه مشروع سياسي دفاعا عن بني أمية في الأندلس؛ مع العلم أن مشكلة ابن حزم كانت مع المذهب المالكي الذي كان هو نفسه مذهب الامويين؛ وأن ابن حزم عندما ظهر كان حكم بني أمية أصلا قد اضمحل؛ فعن أي مشروع سياسي يتحدث؟ ويقارن السكران بين هذه الاكذوبة ومهزلة نصر حامد أبي زيد الذي زعم أن الشافعي قام بمهمة سياسية مع بني أمية؛ بينما كان أبو أمية قد اختفوا من الوجود عندما ولد الشافعي!!. ولكن أخطر فكرة قالها السكران هي قوله "الجابري أول حداثي عربي يكتب برنامجا شاملا في التراث وعينه على القارئ الإسلامي/السلفي يستهدف تغيير مساره" ص 85. أي أنه كان يملك مشروعا سياسيا حزبيا لتقريب الإسلاميين من اليسار؛ وهو نفسه يعترف بذلك في كتاب "بنية.." حين يقول إن هدفه هو "تعميم الممارسة العقلانية" على القطاع الذي ينعت بالأصولي أو السلفي. وكل من قرأ الجابري حق القراءة سوف يلاحظ أن عبارة العقلانية عنده مصطلح مخادع يعني به العلمانية لكنه يصرفها تحت مسمى العقلانية. وعندي أن الجابري كان من كبار الدهاة؛ فهو حين كان يريد أن يتهرب من الخلفية الحزبية يقول إنه خرج من الحزب عام 1981؛ وحين يريد الدفاع عن خطه السياسي يقول إنه مناضل داخل الحزب. وقد شاهدت له مقابلة تلفزيونية أجريت عام 1995 يلمز فيها عبد الله العروي ويقول إن العروي اختار صف الدولة "بينما أنا مناضل" كما قال؛ وبين 1981و 1995 مرت 14 سنة؛ ولكنه بقي يعتبر نفسه مناضلا… ضد التراث.