وهذا امتداد لسياسات التمييز والتحقير اللغوي التي مارستها الدولة الفرنسية في حق الناطقين باللغات غير لغة باريس في فرنسا نفسها بعد الثورة أو ما يعرف بعهد الإرهاب. ممارسات التمييز والتحقير اللغويين ساعدت الدولة الفرنسية في القضاء على اللغات الجهوية التي كانت ثلاثة أرباع الشعب الفرنسي تتحدثها. اللغات الجهوية اليوم اختفت تقريبا، وليست لها صفة رسمية على المستوى الوطني. ولا يزيد الوقت المخصص لتدريسها في أحسن الحالات على ساعة ونصف في الأسبوع وتعد حصصها ضمن حصص "اللغات الأجنبية والوطنية". التمييز اللغوي رافق جيوش فرنسا وهي تغزو بلداننا وتسيطر عليها. وبعد أن كان يمارس من المستعمر مباشرة انتقل إلى أجيال من قلة متفرنسة تشربت باحتقار اللغة العربية واللغات المحلية في إفريقيا والاعتقاد بسمو اللغة الفرنسية وأنها وحدها المناسبة للإدارة والتعليم والترفيه والثروة. تستخدم الفرنسة اليوم حاجزا أمام معظم الشعب ممن لا يتقنها. معنويا تهدم الفرنسة ثقة من لا يتحدثونها في أنفسهم وتجعلهم يشعرون بالغربة في وطنهم حين يدخلون الإدارة أو يطلبون خدمة أو يحاولون الحصول على وظيفة. وماديا تعرقل الفرنسة فرصة الملايين في التقدم المهني لفائدة من يحسنون الرطانة الفرنسية ولو كانوا أقل إجادة لمهارات العمل وأقل توفرا على شروطه. نتيجة لذلك تدفع بلداننا عدة نقط من الناتج الخام سنويا بسبب سياسات لغوية لا تخضع للمنطق ولا تحترم المصلحة ولا تأبه بالسيادة وتخالف أحكام الدستور والقانون. مع ذلك نجد بعض الأصوات ترتفع احتجاجا كلما تم المس بامتيازات المتفرنسين التي أصبحت حقوقا مكتسبة حسبما يظهر. صمتك عما تتعرض له من مظالم لغوية يعني أن الجيل القادم سيتعرض لنفس المظالم. صمتك ليس مبررا وقد توفرت وسائل التعبير عن الرأي! #لا_للفرنسة