هي مبادرة مباركة للم الشمل وإصلاح ذات البين مصداقا لقوله تعالى (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) وقوله سبحانه (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا) وقوله جل وعز ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) وعن أمِّ الدَّرداء عن أبي الدَّرداء رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أُخبِرُكم بأفضلَ من الصَّلاة والصِّيام والصَّدَقة ؟ قُلنا: بَلَى يا رسول الله، قال إِصلاحُ ذاتِ البَيْن، وإفسادُ ذات البَيْن هي الحَالقةُ". هذا الحديث رواه أبو داود، والتِّرمذيُّ من حديث أمِّ الدَّرداء عن أبي الدَّرداء رضي الله عنه، والطَّبَراني من حديث أمِّ الدَّرداء تَرفَعُه إلى رَسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلم. قال التِّرمذي: وهو حديثٌ صحيحٌ، وأراد صلى الله عليه وسلم بإفساد ذاتِ البَيْنِ العداوةُ والبغضاءُ، ومعنى الحالِقةِ: الَّتي تحلِقُ الدِّين، فقد روَيْنا عن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّه قد دبَّ إليْكم داءُ الأُمَم قبلَكم الحَسَدُ والبغضاءُ هي الحالِقةُ، لا أقولُ: تحلِق الشَّعرَ، ولكن تحلِق الدِّين". الاستاذ محمد يتيم بهذه الأرضية الجامعة التي لا تنحاز لطرف دون آخر ولا لرأي دون رأي، تمثل بحق أرضية للإصلاح ولم الشمل والدفع نحو البناء، فمن تطاوع وتجاوب وتفاعل معها تنقيحا وتصحيحا وتعقيبا فذاك حظه منها يجد ثمرته عند ربه يوم يقوم الناس لرب العالمين.. ومن رفضها وولاها ظهره وركب رأسه ولم يعرها اهتماماً ولا قدم عنها بديلاً خيرا منها أو مثلها (خصوصاً من قيادات الحزب) فإنما حسابه عند ربه ، ففي صحيحِ مسلمٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلم قال: "تُفتح أبوابُ الجنَّة يومَ الإثنين ويومَ الخميس فيُغفَر لكلِّ عبدٍ لا يُشركُ بالله شيئا إلاَّ رجلٌ كانت بيْنه وبيْن أخيه شحناء، فيقول: انظِروا هاذَيْن حتى يَصطَلِحا". وفي رواية مسلم: "تُعرض الأعمال في كل خميس واثنين فيغفر الله في ذلك اليوم لكلِّ امرِئ لا يُشركُ باللهِ شَيْئاً" الحديث انتهى. وروى ابنُ المبارك في رقائقه بسنده عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم أنَّه قال: "لا يحِلُّ لامرئٍ مُسلِم أن يَهجُر مُسلماً فوق ثلاثِ لَيالٍ، فإنهما ناكبان عن الحق ما داما على صِرامِهما فأوَّلهما فَيْئاً يكون سَبْقُه بالفَئْ كفَّارةٌ، وإن سَلَّم عليه فلم يقبل وردَّ عليه سلامَهُ ردَّت عليه الملائكة، وردت على الآخر الشياطين، وإذا ماتا على صِرامهما لم يدخلا الجنة، أراه قال: أبَداً" انتهى. وسنده جيِّدٌ.