"بسم الله الرحمن الرحيم بكل الأسى والحزن وبقلوب ملؤها الرضا بقضاء الله وقدره، تلقينا خبر وفاة فضيلة الشيخ الدكتور العلامة يوسف القرضاوي وانتقاله إلى عفو الله ورحمته. وبهذه المناسبة الأليمة نتقدم بأحر التعازي والمواساة إلى أسرته وإلى عموم الأمة الإسلامية في هذا المصاب الجلل. إن فقد العالم ليس فقدا لشخصه ولا لصورته، وليس فقدا للحمه ودمه، وإنما هو فقد لجزء من ميراث النبوة، وهو العلم، وذلك مؤذن بقرب الساعة وفشو الضلالة، ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العلماء، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا". وقال ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير قوله تعالى: (أولم يروا أنا ناتي الأرض ننقصها من أطرافها) قال: خراب الأرض بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها. الأرض تحيا إذا ما عاش عالمها…..متى يمت عالم فيها يمت طرف كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بها….وإن أبى عاد في أكنافها التلف ومع شدة حزننا وتألمنا لموت هذا العالم الجليل الذي ملأ الدنيا وعلى مدى سبعين عاما بكتبه، وخطبه، ومحاضراته، ومناظراته، ودفاعه المستميت عن الإسلام وقضاياه، وآرائه التي يوافق على بعضها ولا يسلم له بالبعض الآخر، قلت: إلا أنه يلزمنا أن نعلم أنه ليس معنى موت واحد من العلماء هو ضياع للأمة، وتوقف مسيرة الدعوة إلى الله، ففيما بقي من أهل العلم خير كثير، والأمة زاخرة بالكفاءات العلمية، مليئة بالرجال الذين يحملون مشعل الهداية -والحمد لله- فلا ينبغي أن يخور العزم، وأن يضعف العطاء، فراية العلم محفوظة -بإذن الله- ما دام الكتاب والسنة محفوظين، ولا يخلو زمان من قائم لله بحجة، ولا يزال الله يغرس في هذه الأمة من يبصرها بأمر دينها وينفي عن دين الله تحريف الغالين و انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. رحم الله فقيد الأمة -الشيخ يوسف القرضاوي- وأسكنه فسيح جناته، وحفظ الله من تبقى من علمائنا الأعلام، فالقلب يخشع والعين تدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا (إنا لله وإنا إليه راجعون) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سلا بتاريخ: 26 / 09 / 2022. كتبه يحيى بن محمد المدغري".