شكر الناشط السياسي والحقوقي ومواطن الشرف في كفر قاسم، لطيف دوري، كلا من المؤرخ (آدم راز)، الذي نجح في إجبار وزارة الدفاع الإسرائيلية عبر نضال قانوني استمر لنحو خمسة أعوام، الكشف عن وثائق جديدة بخصوص مجزرة كفر قاسم بعد 66 عاما من السرية، وكذلك الصحفي (توم سيجيف) الذي نشر تقريرا حول ذات الموضوع في جريدة (هآرتس) " العلم الأسود الذي تم تخزينه في درج النسيان"، فكانا بهذا قد اديا خدمة جليلة للحقيقة التي أصرت حكومات إسرائيل منذ العام 1956 وحتى الآن، على إخفائها بشكل متعمد عن الرأي العام.. الوثائق الجديدة التي تم نشرها بعد 66 عاما من السِّرِّيَةِ المطلقة، اثبتت بما لا يدع مجالا للشك ان مجزرة كفر قاسم لم تكن مجرد "خطأ!" او "سوء فهم!"، بل كانت جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد، كان لها هدف واضح هو تهجير العرب الفلسطينيين الذي نجوا من اهوال النكبة وأصبحوا مواطنين في دولة اسرائيل. كَمَنْ كان اول من دخل كفر قاسم بعد المجزرة وذلك بتاريخ 1.11.1956، وكشف عن تفاصيلها الرهيبة (حصاد الدم)، وكمن كان اول من نجح في الوصول الى جرحى المجزرة في مستشفى بلنسون بتاريخ 10.11.1956، وتسجيل شهادة ثلاثة عشر جريحا منهم، والتي نُشرت كلها في جريدة (هآرتس) حينها، والتي كشفت الحقائق للرأي العام حول ما جرى في المجزرة بالرغم من الرقابة المشددة حينها، أرى من واجبي التذكير هنا ان بدور نواب الكنيست حينها توفيق طوبي ومئير فلنر الذين وصلوا الى كفر قاسم بعد أسابيع من وقوع المجزرة، وتحديدا بتاريخ 20.11.1956، وكذلك الصحفي اوري افنيري الذي سخر أسبوعيته (هعولام هزي)، بدورهم في خدمة قضية المجزرة وجهود نشر تفاصيلها ومحاسبة مرتكبيها… عليَّ التذكير هنا أيضا بالجهود الجبارة التي بذلها اهل كفر قاسم ومعهم كل محبي السلام والتعايش بين العرب واليهود، على مدى عقود منذ وقوع المجزرة، للحفاظ على جذوة الذكرى والحفاظ عليها راسخة في ذاكرة الأجيال وفي وعيهم، وإصرارهم الذي لن يتنازلوا عنه ابدا في ان تعترف دولة إسرائيل بمسؤوليتها القانونية والسياسية والأخلاقية عن المجزرة بكل ما تعني الكلمة من معاني، حيث ان حكومات إسرائيل رفضت حتى الان وعلى مدار 66 عاما الاعتراف بمسؤوليتها عن المجزرة وعن "العلم الأسود" الذي ما زال يرفرف حتى اليوم من على أحداثها الوحشيه! عليَّ الإشارة أيضا ان أربعة من رؤساء إسرائيل: كتساف وبيرس وريفلين وهرتسوغ، قد عبروا عن "اسفهم" لوقوع المجزرة اثناء زياراتهم للمدينة، وليس أكثر من ذلك، إذ كان وما يزال مطلب اهل كفر قاسم ومعهم كل الباحثين عن تحقيق العدالة من اليهود والعرب، ان "تعتذر" إسرائيل عن جريمتها، وتعترف بمسؤوليتها الكاملة عنها، والتي ستاتي حتما في يوم من الايام.