عندما يلاحظ الإنسان أنه وزنه قد زاد، فهو يلقي باللوم مباشرة على زيادة السعرات الحرارية التي يستهلكها، أو على قلة حركته وضعف نشاطه البدني، لكن هذين السبيين ليسا الوحيدين، كما أن الأكل ليس هو "بيت الداء" وإنما نوعية ما نأكله في وجباتنا. وصدرت خلال الأسبوع الحالي دراسة في الصحيفة الأوروبية للتغذية السريرية (أوروبيان جورنال أوف كلينيكال نيوترشن) حول العلاقة القائمة بين الأكل والحركة من جهة، وبين زيادة الوزن من جهة أخرى. وخلص الباحثون إلى أن ما نأكله ليس عاملا حاسما لزيادة الوزن، لأن البيانات تشير إلى أن متوسط السعرات الحرارية التي يستهلكها المواطن الأميركي قد استقر أو تراجع من حيث العدد منذ سنوات ألفين، لكن الولاياتالمتحدة ما تزال بلد البدانة في العالم، لأن ثلث مواطنيها يعانون السمنة. وبحسب الدراسة، فإن المشكلة تكمن في تناول أطعمة غنية بكربوهيدرات يجري امتصاصها بسهولة، مثل الخبز الأبيض وحبوب الفطور، فضلا عن أغذية كثيرة تحتوي على نسبة عالية من السكر. ويوضح الباحثون أن تناول هذه الكربوهيدرات يؤدي إلى رفع كبير في هرمون الأنسولين، وهو الأمر الذي يزيد من تخزين الدهون، وبالتالي، فإن المعضلة لا تكمن في عدد السعرات وإنما في ماهية تلك السعرات، وطريقة توزيعها في جسم الإنسان. وفي هذه الحالة، يذهب جزء كبير مما أكله الإنسان إلى الدهون، في حين يتبقى نصيب محدود من السعرات الحرارية لأجل توظيفها في حركة الجسم. وطالما نبه باحثون إلى مغبة التركيز على عدد السعرات الحرارية، لأن السعرات التي تكون عبارة عن بروتين يغذي الجسم، تختلف تماما عن سعرات من الدهون غير الصحية أو الكربوهيدرات. وعندما يقع هذا التأثير، فإن الشخص الذي يرغب في خسارة الوزن الزائد لن ينجح بسهولة في المهمة عبر تقليل السعرات الحرارية، لأن الجسم مبرمج أصلا على تخزين سريع للدهون. ويرى الباحثون أن المطلوب إزاء هذا الوضع هو اعتماد نظام غذائي يتفادى ارتفاع الغلوكوز والأنسولين، بينما يزيد من نسبة الدهون في الوجبة، والهدف هو تحفيز نسيج الدهون حتى يقوم بإطلاق السعرات الحرارية التي تجعل الإنسان أقل إحساسا بالجوع.