يبدو أن المادة الإعلامية التي خصصتها "هوية بريس" تحت عنوان "شوف تيفي تصف منتقدي فيلم "الإخوان" بالكفار الذين "عليهم أن يقدموا الكفارة"!! قد أثارت غضب القائمين على هذا الموقع المثير للجدل. حيث خصصوا حلقة من 45 دقيقة لا لشيء سوى لمهاجمة "هوية بريس" والتحريض ضدها، وأوكلوا هذه المهمة الكبيرة لمحمد عبد الوهاب. وبالمناسبة فهذا السلوك وإن كان إعلاميا غير مقبول، حيث من المفترض في زملاء المهنة أن يتحلوا بأخلاقياتها، ويناقشوا الأفكار ويأتوا بأدلة مادية على ما اتهموا به هذا المنبر، تماما كما فعلت "هوية بريس" في المادة المشار إليها، حيث نقلت بالحرف أن "شوف تيفي" كفرت المغاربة بقول ضيفها "الضجة التي أثيرت حول فيلم "الإخوان" أصحابها لا يستحقون الالتفات إليهم نهائيا"، لأنهم "عليهم أن يقدموا الكفارة وأن يسلموا لأنهم غير مسلمين"!!! وصعد ذات المنبر من وتيرة هجومه بقوله "هادوا هما الناس لي غيكونوا في النار يوم القيامة"!!! وللمتابع الكريم أن يتخيل لو قال شخص ينبت شعر على وجهه ربع معشار هذا الكلام في حق أي علماني ماذا كان سيفعل رفاقه وأبناء قبيلته. وعَودا إلى المُدافع الرسمي عن "شوف تيفي" الشيخ التكفيري سابقا، الذي كان يُجيش الميليشيات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بفاس دون روية ولا عقل، والمحكوم سابقا بالإرهاب، فليست هذه المرة الأولى التي يهاجم فيها "هوية بريس" ويحرض ضدها ويشهّر بصحافييها أمام الملأ وفي المجالس الخاصة، حيث سبق وأحصينا له في منشور واحد فقط 17 كلمة قدحية بحق هذا المنبر. ويبدو أن هذا الشخص لم يستفد مما وقع له، ولم يمتثل للنصيحة التي سبق ووجهناها له، بكون التطرف لا صلة له باللحية والعمامة التي كان يرتديهما ردحا من حياته، ولا والترْطيبة والتشويكة التي يصرُّ عليهما اليوم، إذ التطرف منهج حياة وطريقة في التفكير والتحليل، وللأسف لم يستطع هذا الشخص إلى الساعة التخلص من كل ما ذكرناه وكل ما كان ينتقده فيه إخوانه قبل أن ينزل من حافلة السلفية الجهادية ويستقل سيارة الأجرة العلمانية. ونحن في "هوية بريس"، قد أخذنا عهدا، منذ قرابة عقدين، أن نناقش الأفكار وننأى عن الحكم على الأشخاص، ولطالما حذر بعض العاملين في هذا المنبر أبا حفص وهو يجازف بإطلاق حكم التكفير على الأعيان، وبيَّن له عاقبة هذا المنزلق الخطير، وضرورة التحلي بالعلم والحكمة والأناة، والعمل لما فيه صالح الوطن والمواطنين، لكن للأسف كان رفيقنا حينها غير مُقصر في غيه، ولم يلتفت إلى صوابية هذا التوجيه إلا وهو قابع في السجن فحينها أثنى وثمَّن تجربة جريدة "السبيل". لكن للأسف فذات التطرف الذي مارسه رفيقي بالأمس يمارسه اليوم بعد أن انتقل من السلفية الجهادية إلى المدخلية إلى الحركية إلى تسلق السلفية الوطنية إلى العمل السياسي ثم إلى الاشتغال مع "آخر ساعة" لمالكها إلياس العمري الذي سبق وأعلن حربه على الإسلاميين ثم إلى اللادينية بوجه مكشوف. نتساءل لماذا يغضب رفيقنا حين ينتقد مواطنون أو صحفيون أو إعلاميون بعض القضايا التي تثار مجتمعيا، أو يتفاعلون مع بعض الاستفزازات من هنا أو هناك؟ ونتساءل أيضا هل يميز بين ما تتبناه الجريدة وتدافع عنه من أفكار، وبين ما يصرح به فاعلون أو ينشره كتاب رأي؟ فبدل أن يبصر رفيقي القذَى في عين غريمه عليه ألا ينسى الجذع في عينه وعين رفاقه، حين تستهدفون المؤسسة الدينية الرسمية وإمارة المومنين وثوابت الأمة. وأذكر ها هنا الرفيق الذي أتى متأخرا، أن اتهامه ل"فقهاء المساجد" والكتاتيب بالاغتصاب تجني وتحريض.. أما تهجمه على نظام الإرث المحدد في القرآن، وأحاديث البخاري ومسلم، والفقه الإسلامي برمته دفاعا عن اللادينية فاستهداف واضح وصريح لإسلامية الدولة التي ينصُّ عليها دستور المملكة. ومشاركاته الإعلامية مع "كافر مغربي" وغيره ممن صرح علانية بخروجه من الإسلام تروم زعزعة عقيدة المسلم المغربي التي يجرمها القانون الجنائي. بل حتى حينما خرج ماكرون وسب المسلمين وازدرى نبيهم محمدا صلى الله عليه وسلم، وقف رفيقي في صفه، وناصر فكرة أن المسلمين يعيشون أزمة. قلناها له سابقا ونعيدها اليوم، الأحكام الجاهزة التي يرمي بها هذا الشخص المتحول المتحور على الدوام هذا المنبر لا تعنينا في شيء، وخطاب الترهيب لن يخيفنا، لأننا في عملنا الإعلامي لا نشخصن القضايا التي نشتغل عليها، وإنما نروم الدفاع عن قضايا هويتنا ووجودنا كأمة وليس كأشخاص، لا نحتاج في هذا إلى درس من أحد. دمت أيها الرفيق متسامحا مع نفسك بعيدا عن العنف والتطرف والترهيب…