هوية بريس – إبراهيم الطالب حرر الله روح المناضل المجاهد عصام العريان من سجن الطغاة، في نفس الوقت الذي حرره سبحانه من سجن الحياة الدنيا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر". نسأل الله أن يتقبله في زمرة الشهداء. لقد انضاف الدكتور عصام إلى طوابير المصلحين الذين قتلهم الطغاة والمستبدون، ليتخذه أبناؤه ومن بقي حيا من خلفه قدوة، كما اتخذ الطغاة كل فرعون علا في الأرض وتجبر قدوة وأسوة. لقد خمدت نار الأخدود ذات الوقود، التي أحرقت يوما من تاريخ البشرية أجساد الصالحين المصلحين، بأمر من الجبابرة، (وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ) (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) هؤلاء ما كان لهم من ذنب إلا إيمانهم بالله العزيز الذي لا يضام. ولئن كان الأخدود وناره صارا في ثنايا النسيان، فلقد خلد الله ذكر أولئك الشهداء الذين صبروا على عقيدتهم ومبادئهم، وشهد لهم سبحانه بفضلهم وصبرهم وجعلهم منارات يَهتدي بهم من يبحث عن الحق حتى يصل إليه، ويوم المعاد يكون الجزاء: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ). (البروج11). أما الجبابرة المزيفون الفراعنة المستبدون فيقال لهم: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) توعدهم جبار السماوات والأرض بما يستحقون من خزي وعذاب، عذاب من جنس عملهم جزاء وفاقا: عذاب جهنم وعذاب الحريق: (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) (البروج10). لقد انتهت محرقة رابعة، ومن لم يحرق فيها يموت اليوم صبرا أسيرا يمنع عنه الدواء ويعامل بسياسة الموت البطيء، البارحة البلتاجي وبعده مرسي وبعدهما عصام العريان رحم الله الجميع وفك قيد الأسارى المؤمنين في بلاد النيل وبلاد الحرمين وكل أرض الله. يظن الأغبياء أن الأمة حمقاء خرقاء مثلهم، نسوا أن كل قتيل للمسلمين تُنبت دماؤُه آلاف المناضلين المجاهدين، كم قتل الاحتلال؟ وكم أفسد؟ وكم حارب الدين والهوية؟ كم صدَّر من فِكر وكُفر ألوانًا وألوانًا وكوى ظهور الرجال المجاهدين لهيبا ونيرانا؟؟ وفِي النهاية ما كان احتلاله وعذابه ومكره إلا سببا في انبعاث الأمة، بعد أن كانت غارقة في التخلف والشعوذة والبدع والخرافة قرونا، فصارت اليوم أمة الامتثال للوحيين، صارت رغم كل المؤامرات ترعب أمريكا وأوربا فقط بحجاب نسائها وزغب ذقون رجالها الذي ترى فيه حبال مشانقها تخشى أن تعلق بها أعناقها. 19 سنة من الحرب على الإسلام والمسلمين، تكالبت فيها كل الدول لحرب العقيدة والدين وكل من فيه رائحة النضال من أجل رجوع الأمة لتحيى بدينها، استوى في ذلك من حمل السلاح ومن دخل تحت قبة البرلمان ورضي ب"الديمقراطية"، ومن انزوى لتعليم العلوم الشرعية، بل حاربوا حتى من أرادت دخول المدرسة بحجابها، تتبعوا المنتقبات في الطرقات والملتحين في الإدارات، ورغم كل هاته الحرب ما زاد الإسلامُ إلا قوة وعظمة وقبولا، فأبناء النصارى والملحدين يدخلون في الإسلام أفواجا كل يوم. خوفا ووجلا، دقت الكنائس والبرلمانات في أمريكا وأوربا على السواء نواقيس الخطر الإسلامي الداهم، لَم تمنع كل الخطط والمؤامرات أبناءَهم من الدخول في الإسلام، دكاترة ومغنين ورياضيين، طلبة جامعات وعامة المجتمع الكل يرى عدالة الإسلام ورحابته وسموه، رغم الكذب والتشويه وحملات الإسلاموفوبيا. ورغم كل هذا، لم يستطع بعض الحكام المعتوهين أن يفقه السنن الكونية، يظنون أن الإيمان يُقتلع من قلوب الرجال بالقوة والقهر، أغبياء، تلاميذ للغرب، لكن كسالى سقيمو القريحة والعقل ومنحرفو الفطرة والنفس. لم يمشوا في الأرض لينظروا كيف لم تفلح فرنسا بالحديد والنار في انتزاع بذرة الإسلام من قلوب الجزائريين، 130 سنة من القتل والحرب الثقافية ومخططات المسخ، ثم وصلت جبهة الإنقاذ إلى الحكم وفازت في الانتخابات الرئاسية، لكن فرنسا لم ترض بنتائج ديمقراطيتها التي جلبتها من بلاد فولتير وهيجو، فأمرت العسكر الوكيل ليسجن ويقتل، وهو اليوم للمفارقة يسجن بعضه بعضا، اضطر إلى خوض عشرية حمراء، لأن صناديق الكذب التي ألفت التزوير تابت وصدعت بالحق اضطرارا، فانتفض الفراعنة وشنوا على أبناء الجزائر حربا قذرة لاجتثاث الإسلاميين، وماذا كان بعد؟؟ ها هو خالد نزار المجرم اليوم في أرذل العمر (83 سنة) لا يستطيع دخول بلاده خوفا من أصدقائه المجرمين. نزار الذي كان يذبح القرى ويقول لجنوده الذين اشترى لهم لحًى مستعارة: اذبحوا كل قرية صوتت على الجبهة في الانتخابات، وقولوا بأعلى أصواتكم "الله أكبر"، حتى نحصل على مسوغات للمزيد من الإبادة وننتقم ممن خرج من قبضة العسكر. قبله فعلها جمال عبد الناصر وقتل إخوان عصام العريان، نصب المشانق لسيد قطب وَعَبد القادر عودة وعشرات من الجباه المقرحةً من السجود وأدخل البقية السجون، فهل منعه ذلك من أن يموت بمرض لم يستطع مولاه الاتحاد السوفييتي ثاني أكبر قوة في العالم من إيجاد علاج له، رغم أهميته بالنسبة لهم ككركوز في الحرب الباردة وكعميل لحماية الكيان الصهيوني. قتل وذبح وسجن وعذب هل أوقف ذلك سيل الإسلام من أن يجرف كل السحر الذي ألقاه سحرة الفراعنة الجدد؟؟ لا والله، لما سقط الدعم الغربي عن الحكم المصري وصل الإخوان إلى الحكم، لكن مرة أخرى مثل الجزائر، القصة بالفصول نفسها تدور أحداثها على ضفاف النيل عسكر ضد الإسلاميين. المستبدون أغبياء لا يرضون بأبنائهم الصالحين المصلحين معهم في السلطة يقتلونهم ويستحيون أهل الفساد ظنا منهم أن الفساد يؤمّن الفساد، لاشتراكهما في خسة النفس ونذالة السلوك وعبادة الذهب، وما علموا أن الفساد يأكل الفساد، والحياة إنما تطيب للأحرار الذين يجدون في الموت حرية وكرامة وعلوًّا، ويوم تقوم الساعة نعيما وملكا عظيما، بعد أن يشهدوا على من قتلهم وسجنهم في عرصات يوم القيامة، يوم يحشر المتكبرون كالنمل، فما بالك بمن جمع الكِبر والطغيان والفساد في الأرض: قال رسول الله صلى الله عليه: (يُحشَرُ المتَكَبِّرونَ يومَ القيامةِ أمثالَ الذَّرِّ في صُوَرِ الرِّجالِ يغشاهمُ الذُّلُّ من كلِّ مَكانٍ ، يُساقونَ إلى سجنٍ في جَهَنَّمَ يسمَّى بولُسَ تعلوهُم نارُ الأَنْيارِ يَسقونَ من عُصارةِ أَهْلِ النَّارِ طينةَ الخبالِ). صحيح سنن الترمذي. وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.