بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين..أحبابي الكرام: من منن الله العظمى علينا نحن المغاربة أن كسا البلاد برد إمام دار الهجرة، فنبغ الكبار من حملة العلم والآثار في خفارة مذهب مالك رضي الله عنه، وبثوا سنن الهدى، وميراث النبوة أمناء أتقياء، محفوظًا من لوثة البدع، ودجل المتعالمين، وضلالات المتطرفين. وقد كان مالك نجم العلماء، وإمام الفقهاء، رفعه الله تعالى بالعلم رفعةً جعلت الرحلة من جنبات الأرض إليه، وأجلست كبار العقول والأئمة تلاميذ بين يديه، وحسبك في الشرف جلوس مثل الشافعي، وابن وهب، والقعنبي، وسفيان بن عيينة وطبقتهم من أئمة الإسلام، يجلسون بين يدي مالك تلقيا للعلم وتفقها في الدين. وكان من أسباب رفعة شأنه وعلو منزلته: تعظيمه جناب النبي صلى الله عليه وسلم، وإجلال حديثه، وأدبه المتدثر بالإخبات تعظيما لسيد البريات صلى الله عليه وسلم، فما حدث حديثا قطُّ على غير وضوء، وما خرج إلى مجلس التحديث إلا في أجمل حُلة، وأجلِّ حالة، مهابةً وتعظيما، وخشوعا وإجلالًا، فلا يحدث ماشيا ولا واقفًا، وكان إذا ذُكر النبي صلى الله عليه وسلم تغير لونه وانحنى، حتى يصعب ذلك على جلسائه، ولا يرفع أحدٌ في مجلس التحديث صوتًا إجلالًا لمقام سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا درج العلماء، وتشرب المغاربة حب سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم دينًا ومذهبًا، وسرى منهم مسرى النفس والدم في الوريد، فهم ولله الحمد من أشد الناس حبًّا للنبي صلى الله عليه وسلم وآله، وبذلك عُرفوا بين الأمم، والحمد لله، وصار من خصال المغربي التي تميزه بين الناس= حب النبي صلى الله عليه وسلم، والبكاء عند سيرته، والاقتداء بهديه، وحب صحابته وآله رضي الله عنهم، حتى صار ذلك قاعدة من قواعد الشخصية المغربية. فمن تهدم بنيانه وأعتم صدره، وانسلخ من هويته الوطنية، وحبه للمغرب، شرد بعيدًا في صحراء الضلال وفلوات الشقاء، يطلق لسانه بالإفك، وقلبه بالحقد، ولا يعلم أن من قواعد الوطنية حفظ لحمة الوطن، والحرص على أمنه وإيمانه، وحفظ صورته في الناس، لا بدعم التطرف والإرهاب وحركات الدم والهدم، بالاستطالة في عرض الحبيب صلى الله عليه وسلم على لسان من لا يستحق ذكرا، ولا يحسن في الناس إلا بث الشرر، والنفث في مواقد الفتن، والابتعاد عن نهج مليكنا حفظه الله، وهو وأسرته الشريفة معروفون بتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، لكن منا من يكون ضدًّا لوطنه، وحربا على دينه وقيمه، وأداة في يد الغواة والغلاة! ونحن والله نكتب كفًّا لكف السفهاء ممن تطرفوا فتلوثت أفكارهم بمعاول التكفير، ومن انحرفوا فكانوا كنافخ الكير، يحرقون أنفسهم، ويكونون عبأً على أوطانهم، في ظرف الناس كلهم في حاجة إلى التكافل والتراحم الذي تداعى له المغاربة فسطروا ملحمة تراحم مباركة، وعلى رأسهم جلالة الملك سيدي محمد السادس حفظه الله.. فاتقوا الله في دينكم وأوطانكم، واحفظوا أمان المجتمع بحفظ إيمانه، وصونوا الأوطان بمنهج الصدق ونور الوحي، ولا تطمعوا بأن يمتد لسان بالكذب والسوء فيجد له بيننا سبيلا..بل نحفظ أوطاننا ونصونها من عبث المتطرفين وحقد الحاقدين، ونعتقد أن ذلك دين واجب علينا.. حفظ الله المغرب مزدهرا راقيا مرفوع الرأس مصونا مهابا، محبا لدينه وربه ونبيه صلى الله عليه وسلم ومليكه، ولو كره الكارهون!