مراكش – المغربمن المعضلات التربوية المعقدة ذات الصلة بتداعيات الحجر الصحي، والتي صارت نازلة كبرى تستدعي التفاتا استعجاليا من مؤسسات تربوية وصحية واجتماعية شتى: ما أصاب السلوك الطلابي عامة بالجامعات -من زمن غير قريب- من علل الانحراف الفاصمة بينه وبين النموذج الأليق بناموس تلقي المعرفة، ومنها افتقار حاد يغشى طوائف كثيرة من طلاب الجامعة إلى الرشد في تدبير تلقيه العلمي، وتكوينه التربوي، لا سيما خلال حالنا اليوم، الشبيه بحال مسافر ألجأه عناء السير إلى كهف يستريح فيه، فلم يلبث حتى أغلق دونه، ثم استيقن -من ثم- أنه لن ينجيه مما فجئه إلا زاد كان معه. فمن كان معه قبل هذه المحنة زاد من الرشد نفعه في تدبير حاله فيها، ومن وجد نفسه فقيرا إليه ضجر وفُتن، واستحال الحجر لديه حرجا شديدا يعصر صدره ويخنق روحه. إن حاجة طلابنا اليوم إلى الرشد في تدبير شأن تلقيهم أشد من حاجتهم إلى الاستمرار في تلقي مقررات تدريسهم، وإننا إلى الآن لا نعدم وسائل التقنية الضرورية لذلك، لكننا نعدم – على نحو مبين – التفاعل التربوي الرشيد الضروري لإحسان استثمار هذا التلقي. ولا يخفى على أحد غشيته أجواء جامعاتنا ما ألف الطلبة فيها من الفوضى والاستخفاف بكل شأن وكل شيء، وأنهم مردوا على ذلك حتى صار لديهم سلوك زهو ينتشون به انتشاء ذي الحق فيه، مع أنهم طلبة ينتسبون إلى الجامعة: المؤسسة التعليمية التربوية الأعلى. وقد لاحظنا وأقررنا خلال فترة تواصلنا المباشر معهم هناك أن الوقت لا يكفي – مهما استمر اجتماعنا بهم – للجمع بين تدريسهم وإعادة إدماجهم في النظام التربوي والأخلاقي اللائق بمستواهم. بل هب افتراضا أن الوقت يكفي، لكن كبرياءهم الذي يشعرهم بأنهم شبوا عن طوق التربية والتوجيه يحول بيننا وبين ذلك. فما الظن بهم اليوم وقد حيل بيننا وبينهم، وزال ما كان من بعض رقابة تربوية كنا نجد عنتا شديدا في تحقيقها، وحملهم بها على الاستقامة؟؟…. وهل يمكن – كما افترضنا التلقين المعرفي في زمن الحجر الصحي – أن نفترض الرقابة التربوية أيضا؟؟ * أستاذ بجامعة القاضي عياض كلية الآداب – قسم الدراسات الإسلامية