كلنا فرحنا لهذا الإنجاز الذي أحيى في داخلنا الأمل.. وكلنا تمنى لو كان أبناؤه مثل هذه البطلة الصغيرة.. ولكن من منا بذل من الجهد مثل الذي بذلته أسرة مريم؟ الأسرة مصنع للرجال والأبطال، وبقدر قوة هذا المصنع فإنه يخرج لنا جيلا قويا، وبقدر تفكك هذا المصنع أو ضعفه يخرج لنا جيلا ضائعا تائها.. فبالله عليكم كم نعطي من الأوقات لعملنا وأصدقائنا وسهراتنا وهواتفنا الذكية؟ وكم نعطي من الوقت لفلذات أكبادنا الذين نأمل منهم رفع لواء نهضة الأمة من جديد؟ إن الأطفال في عمومهم مؤهلون للتفوق والنجاح، كل فيما يسر الله له، ولكن هل نستغل طاقاتهم وننميها ونحرص على كشف مواهبهم وصقلها؟ لقد سألت يوما تلميذا كان يدرس عندي، وكان حافظا لكتاب الله تعالى ومتقنا لقواعد التجويد.. سألته أين حفظت ومن علمك القراءة؟ فقال: أمي. فماذا ننتظر من طفل، أمه تتابع الحلقة السبعين بعد المائة الثامنة من مسلسل تركي، وأبوه يجلس في المقهى إلى منتصف الليل يشجع فريقه المفضل، ويحلل ويناقش آخر أخبار الفرق واللاعبين؟ يحكى أن أبا دخل على ابنه وهو يراجع درسا عن فتوحات نابليون، فقال له ساخرا: إن نابليون يا بني حين كان تلميذا مثلك كان يأتي الأول في قسمه دائما، وليس مثلك تأتي الخامس في أحسن الأحوال! فأجابه الابن بذكاء: وإن نابليون يا أبي العزيز حين كان في عمرك كان إمبراطورا لفرنسا لا موظفا بسيطا!! كلنا يريد أبناءه يقرؤون كثيرا، ونحن لا نفتح كتابا.. ونريد أن يكون أبناؤنا حفظة للقرآن الكريم، ونحن لا نحفظ جزء عم، ونريدهم أن يكونوا متفوقين في دراستهم، ومتألقين بأخلاقهم، ونحن نهملهم ولا نمنحهم إلا أوقاتنا الميتة.. ألا فاعلموا أيها الآباء أن هؤلاء الأبناء أمانة في أعناقكم تسألون عنها بين يدي الله تعالى.. فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.