هوية بريس – ذ. إدريس كرم قبل عرض الوضعية السياسية والعسكرية بالمغرب أريد تقديم بعض الملاحظات التي تسمح لنا بمعرفة أحسن للعمليات المشروع فيها. يوجد بالمغرب منطقة هادئة حيث الإدارة مدنية أو عسكرية، تعمل دون خوف من تهديد بالهجوم القادم من المحيط. أمام هذه المنطقة هناك منطقة حدودية حيث أقمنا مراكز ثابتة للاحتلال والدفاع، أكثر من حامية للمراكز لدينا وحدات متحركة للتغطية تتكون من عناصر خفيفة: "كوم وبرطيزة"، موالين مكلفين بمتابعة المجموعات المعادية التي تحاول خرق جبهتنا والوصول إلى مؤخرتنا لإزعاج القبائل الخاضعة وقوافل التموين. أمام الجبهة عملنا على تقوية نفوذنا في المنطقة المحايدة، منطقة مأهولة بأناس غير مؤهلين للالتحاق والذين تحت الإكراه سينضمون للثوار؛ ومنطقة لم تدخلها قواتنا لكن سكانها سينحازون لنا إذا ما حاول الثوار اجتياز حدودهم بغية القدوم لمحاربتنا. تلك هي حقيقة الجبهة المغربية (في آخر لحظة أخذنا 150 ألف فرنك وزعناها على حوالي 7000 شخص بحيث أخذ كل واحد خمس فرنكات يوميا). وهاكم بقية الأسس لمتابعة الاحتلال: الآن تعد المهاجمون حدودهم واحتلوا النقط التي نضمن منها حماية القبائل الخاضعة ومراكزنا بعدها التي منها نتصرف سياسيا مع القبائل الثائرة، فعندما يطلب بعضها منا الذهاب عندها ونعرف الوقت المناسب نقيم ضغطا في الأماكن التي نرى أننا سنقدر على الدفاع عنها وإدارتها. في كل الأحوال التقدم العسكري سيكون تابعا لمخطط مرسوم سلفا، ولا نستخدمه إلا إذا فرض الأعداء علينا اللجوء للقوة بهجومهم علينا من الخارج، بحيث يكون برنامج العمليات العسكرية التي سنخوضها لصد المهاجمين جاهزا للتنفيذ مناخا وعددا. المناخ: فصل الأمطار والبرد وفصل الحر الشديد يعيقان العمليات، كما أن الأهالي يكونون منشغلين بالحرث والحصاد زاهدين في العصيان والتمرد مما يتيح لنا اختيار التصرف. العدد: عادة ليس لنا كولون ثابت له عمليات محدودة وإنما هناك مجموعات متحركة مستعدة للقيام بعمليات احتلالية في المحيط الخلفي للمراكز المتقدمة، فالحديث بدقة عن الوضعية السياسية والعسكرية خارج حدودنا المتحدث عنها، هذه الوضعية تقتضي كامل يقظتنا، لأنه بين لحظة وأخرى يمكن لقوة معادية أن تنقض على خطوطنا الأولى وتخترق ما بيدنا من الأرض الخاضعة. من أجل دراسة الجبهة المغربية نتفحص الجبهة الشمالية، الجبهة الجنوبية، أو الأطلس والجهات الصحراوية. الجبهة الشمالية المكونة من غرباوة والقصر إلى ملوية تهتم وتستفيد من جهة الغرب وفاس وتازة نقطتان تهمان مثالنا: في الغرب شمال وزان، إسبانيا تهيء أكبر حملة على شفشاون، هذا التحضير أقلق قبائل منطقتنا بشكل متزامن، فكانت النتيجة أن بني مستارة وبني مزكلدة وسطّة هاجموا قبائلنا الخاضعة بشكل يومي دون القدرة على ردها. أيضا حول الضفة اليمنى لورغة تابعنا تحركات جماعات معادية ريفية تهدد باستمرار القبائل الخاضعة لنا، الشرفاء الخمليشيون من زاوية الرزقات قاموا بتنظيم عصابات النهاب الذين يحاولون تكوين محلة أكبر بالدعاء للحرب المقدسة في كل من ناحيتي الريف واجبالة لمحاربتنا. لكن لم يستمع لنداءاتهم تلك، ففشلت جهودهم لمهاجمة مراكزنا مما جعلهم يتفرقون، في غضون تلك الدعوة للحشد بدأ في يبراير بتكوين حركة مضادة لهم بقيادة احمد احميدو والمرنيسي في قبائل امرث، مرنيسة، بني وراين، سي احميدو قال إنه رغب في أن يكون سلطانا وهو لحد الآن مازال في بلاد الثوار، لكن بعد ظهوره قضي على الخمليشي عند حدودنا وبذلك كان عمله بالنسبة لنا مفرحا لكن لا نعرف ماذا سيفعل بعد؟ اعمر داحميدو من أصحاب عبد المالك صديق الشنكيطي، وبعبارة أخرى صديق عدونا عبد المالك الذي كان يقاتلنا بواسطة الخمليشي لغاية انهزامه سنة 1918، يريد اليوم الإنتقام فقدم له اعمر داحميدو الفرصة، وهذا ابن عبد القادر غادر قاعدته بتوسكان(زاوية بناحية الشاون) ووصل لصنهاجة على بعد 15كلم من مراكزنا وقال إنه مزود بالمال، هل هذا حق؟ على كل حال حضور هذا الخصم العنيد قرب حدودنا أمر خطير. جبهة الجنوب أو الأطلس يمكن القول بأنها تمتد من جنوبتازة إلى جنوبمراكش، على هذه الجبهة سنقاتل قبائل بني ورياغل وآيت يوسي وآيت سغروشن وبني امكيلد وزيان. بني وراين بني وراين لا يكونون تجمعا يمكن إزعاجنا، لكنهم يقابلوننا بعنف إذا ما دخلنا بلادهم، وآخر معركة معهم تمت في نهاية يناير في سيدي بوقنادل فقدنا فيها خمسة ضباط وثلاثين قتيلا. الروكي الذي تحدثت عنه في هذا الشتاء ما يزال في معقله لا سلطة له لكن يحتفظ بأخ باشا تازا التازي كأسير ألقي عليه القبض في المعركة. أيت يوسي وأيت شخمان هاتين القبيلتين ما تزالا معادية لكن أقل إزعاجا ومراكزنا بأعالي سبو وأعالي ملوية غير مزعجة لنا. زيان بني امكيلد : في هذه الناحية التي بها عمل سياسي شديد الأهمية حدث في هذه السنة تقدم بعيد مخصص من طرف المراكز المنشأة، النتيجة المحصلة هي أن القبيلة الكبرى زعير التي يزيد عدد خيامها على عشرة آلاف خيمة تحت السيطرة الكاملة تقريبا لموحا وحمو سلطان الأطلس، بيد أن خضوع أحد أبنائه لنا جاء في صالح قواتنا على أم الربيع، حيث أخذ يرغم بعض الفخدات للحذو حذوه، كما أن تواجدنا على ضفة الواد سمح لنا بالسيطرة على المشرع ومنع مرور العصاة عبره نحو الضفة اليمنى لمراعيهم على العادة حيث المناخ الملائم في فصل الشتاء هربا من ثلوج الجبال، وانعدام المراعي في فصل الأمطار. ناحية مراكش: هذه الناحية شاسعة تضم الأطلس الكبير والصغير، من أجل ذلك فإنها تتطلب رؤية سياسية وعسكرية جد خاصة، إنها ناحية القياد الكبار، لكلاوي ولمتوكي والكندافي، حيث يتوفرون على سلطة كبيرة ضمنت لهم متطوعين لضمان الأمن والهدوء، وأيضا ساهموا في تقليل القوات الفرنسية وإقامة انتقال جيد بين الإدارة التقليدية والنظام الجديد للحماية. ناحية مراكش الآن هادئة، بعض المرات نسجل تقدم بعض الثوار أمام مركزنا الجديد في آيت اعتاب جنوب تادلا، من جهة أخرى امربيه ربو ابن ماء العينين يواصل التمركز ثائرا في جنوبتزنيت حيث يتلقى دعما وتشجيعا خارجيا. ناحية الصحراء نقطة سوداء في أفقنا بالمغرب حيث توضع القلاقل في جنوب الأطلس بواسطة القائد بلقاسم النكادي الذي عوض بعدما رآى مقتل الشهير تيفروتين. تافلالت، ضفاف واد زيز، واحات تدغة، وفركلا، وغريس، عانت قبائلها من تحركات مجموعات بلقاسم النكادي وقواده خاصة باعلي. خلاصة الوضعية السياسية الداخلية بالمغرب جيدة والعملة الحسنية لم تتعرض لأي حادثة، ليس هناك عراقيل خطيرة أمام مهمتنا في التمركز على أم الربيع حيث سيسمح لنا بالتقدم نحو خنيفرة القبطان "O" (ص:121، إفريقيا الفرنسية 1915).