ما أكثر المواقف التي يحتاج فيها الواحد منا إلى تقليد الآخرين، يجد نفسه مرغما على ذلك وكأنه يرد الدين في غياب الانتباه إلى نسبة القدرات التي تنتظر منه فقط أن يكتشفها في أعماق ذاته. لا نحتاج إلى أكثر من فسحة تأمل إلى جانب هامش من الاختلاء بالنفس بعيدا عن التكرار وحمى الاجترار، إذ لا شيء في مقدوره أن يقزم الإنسان وينتقص منه ويلغي آفاق الاجتهاد والإبداع عنده سوى التقليد الذي يُراكِم النسخ ولا يرينا الأصل الثابت للشخصية الأمارة بفرض وجودها. خمس خطوات أضعها بين يديك لتكون أنت نفسك أنت: – أولا: لا تنصت إلى الآخرين، واتركهم يحركون شفاههم كما يشاؤون ودعهم يهذون، اتركهم وراءك لتتقدم لا لتمد الخطى إلى الخلف. – ثانيا: تعَلَّمْ أن تخوض التجربة، جرِّب كل ما تريد أن تجربه، كيفما كان جنسك أو عمرك أو مكانتك أو وضعك، فالعباقرة والأذكياء لم يسمع عنهم أحد لولا المحاولة التي دعتهم إلى مائدة دسمة من الشهرة والتقدير. – ثالثا: لا تنظر إلى نفسك في مرآة الفشل، فكل نجاح تسبقه محاولة، وكل تجربة قد لا تنجح إلا في وقت متأخر. لذلك لا تبحث عن صوت التصفيقات في عيونهم، إنما اجعل نفسك بطلا قبل أن يُهدوك خاتم البطولة وقبل أن تثمر المحاولة فاكهة النجاح. – رابعا: كن مبدعا في كل ما تقوم به، وأتقن كل ما تقوم به، وأحب كل ما تقوم به، فالإنسان الخلاق عنوانه الإتقان، والإتقان لا يحتاج إلى رأسمال ولا إلى دفع فاتورة. -خامسا: كن مؤمنا بأن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، وثِق بأن النهر يمتلئ قطرة قطرة. لا تكن ملحاحا في طلب المكافأة، إنما كن ممتلئا بالإصرار على أن تكون بدايتك في المستوى حتى لا تخذلك النهاية. إنها يا صديقي أسرار المبدع الملهم ذاك الذي لا تهمه كثيرا قراءة الإعجاب في عيون المحيطين به بقدر ما يهمه أن يعجب بنفسه أولا وقبل كل شيء وأن يَحترم نفسه قبل أن يبحث عن احترامهم له. ولأن الحياة لا تخلو من عثرات، فلا شك في أن عزيمتك تتطلب منك أن تروض نفسك على الصمود وتحدي الإكراهات، إذ هي العقبات البائسة لا تتخلف عن موعد انتظارها لك في هذه المحطة أو تلك، لكن من الشهامة أن تعرف أنت كيف تتجاوزها بذكائك وبصبرك وثقتك بإمكانياتك. كن أنت نفسك أنت، ولا تكن شيئا سواك.