التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس الإثنين 16 ماي، بالعاصمة التركية أنقرة، في إطار زيارة رسمية يقوم بها تبون إلى تركيا. وقال الطرفان في ندوة صحافية أعقبت اللقاء إن البلدين حريصان على تعزيز التعاون بينهما في مختلف المجالات. وفي الشأن السياسي قال تبون: "لدينا نظرة مشتركة مع تركيا بشأن ليبيا، من خلال تمكين شعبها من تقرير مصيره، كما بحثنا الوضع في منطقة الساحل الإفريقي وملف تجفيف منابع الإرهاب". اللافت للانتباه أن اللقاء بين الرئيسين لم يتطرق لقضية الصحراء المغربية، التي يبدو أنها لم تكن مدرجة في جدول أعمال الموعد، رغم تزامنه مع التصريحات المتبادلة والودية بين وزيري الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيره التركي شاووش أوغلو، التي عبر فيها الطرفان عن دعمهما الكامل للوحدة الترابية للبلدين؛ إذ قال أوغلو في تصريحات لوسائل الإعلام على هامش لقائه ببوريطة في مدينة مراكش المغربية إن "تركيا تؤكد دعمها الدائم للوحدة الترابية للمملكة المغربية كما كانت دائما". تبون، الذي وصل إلى تركيا الأحد 15 ماي الجاري، لم يحظ باستقبال من طرف الرئيس التركي كما تقتضيه الأعراف الدبلوماسية في استقبال رؤساء الدول من طرف نظرائهم (مسؤول من الدرجة الدبلوماسية نفسها)، إذ استقبله نائب الرئيس. كما أن اللقاء الوحيد الذي جمع أردوغان بتبون كان أثناء استقباله في القصر الرئاسي بأنقرة، بينما واصل نائب الرئيس اجتماعات "القمة" مع الرئيس الجزائري. ومن جانبها، لم تول وسائل الإعلام التركية اهتماما كبيرا للزيارة، عدا الإعلام الرسمي. اللقاء بين أردوغان وتبون عرف توقيع 15 اتفاقية تفاهم همت استثمارات تركية في الجزائر، في قطاعات الطاقة والتعليم والبنيات التحتية، ولم تشمل اتفاقات سياسية وإستراتيجية ذات أهمية، ما يفسر أن استقبال رئيس الجزائر من قبل الرئيس التركي قد يكون جزءا من الضغط التركي على فرنسا، بسبب التوتر الحاد في العلاقات بين البلدين، بفعل ما يعرف ب"قضية الأرمن"، خاصة أن أردوغان قدم لتبون وثيقة عبارة عن رسالة من المقاوم الجزائري الأمير عبد القادر إلى السلطان العثماني عبد المجيد الأول، تضمّنت تهنئة باعتلاء السلطان العثماني عرش السلطنة العثمانية؛ كما بيّن له فيها "نضال الجزائريين الحثيث ضد الاحتلال الفرنسي". وهي الرسالة التي احتفت بها وسائل الإعلام الجزائرية ووصفتها بالهدية الثمينة. وتضغط تركيا بقوة على فرنسا بملف جرائم الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري، كرد فعل على الضغوطات الفرنسية على أنقرة بخصوص قضية الأرمن. تجدر الإشارة إلى أن زيارة تبون إلى أنقرة تأتي في سياق تحركات مكثفة وغير مسبوقة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في منطقة الخليج والشرق الأوسط، من خلال زياراته إلى كل من المملكة العربية السعودية والإمارات، في إطار ما يعرف ب"المصالحات التركية مع محيطها الإقليمي"، ومحاولة تخفيف الضغوط على بلاده، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا، نتيجة التضخم وانهيار الليرة، ما انعكس بشكل ملحوظ على الأسعار في البلاد. وأصبحت هذه الأزمة تهدد مستقبل أردوغان في الرئاسة التركية، على بعد سنة من الانتخابات الرئاسية؛ كما يعاني من ضغوطات شديدة من قبل المعارضة، التي تتهمه بإدخال تركيا في عزلة دولية نتيجة سياساته المتشددة والانغلاقية تجاه محيطه الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى ملف اللاجئين السوريين وطريقة إدارته ملف المهاجرين الأجانب في البلاد، وتسببه في "انهيار الاقتصاد التركي" بهذه السياسات.