نحتفل هذا الأسبوع باليوم العالمي للغة العربية، شهادة إضافية من المحافل الدولية، مما يعد احتفالا بتاريخها الممتد عبر العصور، ولموقعها الجغرافي، وكثافة سكانها والناطقين بها، لغة حاملة لتراث ضخم في شتى المجالات المعرفية، ولأنها فوق هذا وذاك ذات وجود فعلي، علماً ومعرفة ضمن اللغات العالمية الأولى، ولم يأت الاحتفال بها عبثاً أو إرضاء لنزوات عابرة أو شوفينية. تؤكد كل الدراسات اللسانية والسوسيولسانية على صعيد البحث اللغوي الصرف، أن اللغة العربية بجانب موقعها التاريخي والجغرافي، لها مواصفات لغوية متميزة، وتحتل بذلك حيزاً هاماً في المنظومة اللغوية الكونية، مما أهلها للإسهام بأدوار حضارية عبر التاريخ. ومع هذا الإشعاع الدولي، يحلو لبعض الأصوات الشاذة أن ترتفع في بلادنا هذه الأيام، في محاولة ملتبسة، يقف خلفها طابور مكرر ومعاد بذات المواصفات، لنسف ركيزة من ركائز الثقافة المغربية، وبكل مقوماتها، أصوات لا علاقة لها بالبحث اللغوي والتطورات التي تعرفها لغات العالم في كينونتها، أصوات متهافتة وذات مصالح ضيقة ومبيتة. أين تكمن الأزمة اللغوية وبمنظور دولي وتكنولوجي؟ هذا بالذات ما سأحاول إبرازه في هذا العرض، على الرغم من أن النقاش الحالي حول اللغة يسعى أن يبعدنا عما هو جوهري وآني، وهنا لابد من توضيح بعض الإشكالات، التي يراد من ورائها طمس الحقائق اللغوية المرتبطة بذات اللغة، أي لغة، وما له علاقة بذات المجتمع الذي يعيش حالة الثنائية اللغوية. إن ما يلاحظ من خلال الوقائع اللغوية أن المجتمع المغربي بجانب ما يعيشه من تعددية لغوية، يعيش أيضاً ثنائية لغوية، أي ما يعرف بمصطلح (Diglossie)، بمعنى أن يتكلم لهجة يتداولها في التعامل اليومي، أي ما يعرف بالعامية، ولغة تدريس الآداب والعلوم، أي اللغة العربية؛ ما يميز هذه الثنائية وجود تقارب وتشارك بينهما، لكون العامية منها ما هو منحدر ومأخوذ من اللغة العربية في صيرورة تطورها، ومنها ما هو مستورد من لهجات محلية، إذ أغلب مفرداتها مستقاة مما ذكر، بها يعبر أفراد المجتمع عن حاجاتهم اليومية بعفوية وتلقائية وطلاقة، ويمكن القول بطريقة فطرية، كما أن للعامية نصوصاً أدبية شفوية وغنائية، وأمثال شعبية متداولة. يعد هذا التقارب دعامة لما هو مشترك بينهما، مما يقوي الاشتغال الوظيفي لكليهما، أي وظيفة التداول العام الذي تؤديه العامية، ووظيفة الدرس اللغوي أو العلمي الذي تؤديه اللغة العربية. هذا الواقع لم يلغ وجود لغة رسمية، هي اللغة العربية، لغة لها رصيدها اللغوي وقواعدها النحوية، ومعاجمها المتعددة، تدرس بها المواد الدراسية في المدرسة والجامعة، كما أنها تستخدم في أجهزة الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، فضلاً عن استعمالها في الأجهزة الإدارية، والخطب الرسمية. هذا جانب فقط من الثنائية اللغوية التي يعرفها الواقع اللغوي بالمغرب كما تعرفها المجتمعات العربية. تعد هذه الحالات من التعدد أو الازدواج اللغوي بمجملها جد طبيعية، تعرفها أغلب دول العالم، بآسيا وإفريقية وأمريكا اللاتينية، وحتى في بعض الدول الأوروبية، مثل إسبانية وسويسرا وبلجيكا، وكندا ومنطقة الألنراس بفرنسا. يمكن القول في ضوء الدراسات اللغوية السوسيولوجية والنفسية إن الثنائية أو الازدواجية اللغوية من شأنها تقوية مدارك الأفراد، وجعلهم متفتحين على مختلف الأنظمة اللغوية، قد تحدث اضطرابات لغوية، لكنها عابرة، كما أن أشكالاً من الاضطرابات اللغوية قد تحدث حتى عند الأطفال الوحيدي اللغة. إن ما هو أساسي في العملية التعليمية، وبالتحديد في مجال تعلم اللغات وتدريسها يتجلى في مراعاة مجموعة من الإجراءات، منها : أ- الحفاظ على ثنائية اللغة والرفع من مكانتها وموقعها، لكونها تشكل معايير للتعاطي مع اللغات الأجنبية التي من المفروض تعلمها. ب- تدبير بيداغوجي لتدريس اللغات مضموناً ومنهجاً وتكويناً، خاضع على الدوام للتقويم. يشكل الاهتمام باللغات الأجنبية جوهر ما يشغل اهتمامات المنظومة التربوية لدى جل الأنظمة السياسية على الصعيد الدولي، لا بالنسبة لتكوين الأفراد فقط، وترقية مداركهم، وانفتاحهم على ثقافات الشعوب الأخرى، بل بما يوفره للدولة من مصاريف اقتصادية باهظة يتم استغلالها داخلياً وخارجياً، كما ينمي إمكانيات البحث العلمي من قبل مواطني البلد، بدلاً من الاعتماد على الكفاءات الخارجية، هذا بالإضافة إلى سهولة الولوج لمجتمع المعرفة. من هنا ينبغي الاهتمام باللغات الأجنبية في ضوء تعدديتها. لا شك أن التعددية اللغوية أضحت واقعاً ملحاً في كل المجتمعات الدولية، لكن ليس على حساب اللغات الوطنية، مما يدعو حتماً إعطاءها الأولوية، وتطويرها ومواكبتها لعصر التكنولوجية الحديثة، ولأن كل لغات العالم بما فيها الأنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية وغيرها، خاضعة بدورها للتحديث والتطوير، ولا مناص لها من ذلك. وعندما نتحدث عن تطوير اللغة العربية وتحديثها، فلأنها تملك مقومات كل ذلك. اللغة العربية ليست بحاجة لمن يدافع عنها، فهي لغة ذات أصالة وتاريخ وثقافة وحضارة، ومكتبتها غنية بكل أنواع المؤلفات في شتى أنواع الآداب والفنون والعلوم، وهي كلغة من بين لغات العالم العشر الأوائل مؤهلة للانفتاح على ثقافة العصر، بكل مكوناتها، بما يمكن أن تستورده من مصطلحات العلوم الحديثة، وكل ما يمكن أن يغني مادتها اللغوية من تعابير جديدة، سواء بواسطة الترجمة، أو ما يمكن أن تستورده من شتى اللغات. يعد هذا المعطى من بين الطرق العملية لجعل اللغة تدخل في صلب التدبير البيداغوجي للمنظومة التربوية، باعتباره سبيلاً من السبل للاندماج في المعارف العصرية، بما فيها ثقافة المعلومات، ووسائل الاتصال والإعلام؛ وتحقيق هذا الهدف يتطلب تعدداً لغوياً في المدرسة المغربية، إذ يصعب الاندماج في اقتصاد المعرفة من دون تعددية لغوية، على ألا تقف هذه التعددية عند الأنجليزية أو الفرنسية، مما يدعو حسب منطق العصر تعلم لغات أجنبية متعددة، حسب شيوعها، ومكانتها العلمية والأدبية، وتوجيه عينة من الطلاب للتخصص فيها. تعد هذه الأرضية التي أعتبرها المدخل الطبيعي لتطوير اللغة العربية وإغنائها، لابد لها من إطار علمي، وإطارها الأساس هو أكاديمية لغوية تهتم بالمصطلحات العلمية، وإعادة النظر في أشكال الكتب المدرسية بمختلف موادها ونصوصها، وفي مقدمتها كتب النحو والصرف، لأن ما هو موجود بين أيدي التلاميذ والطلاب لا يخدم بأي شكل من الأشكال ثقافة اللغة العربية وعلميتها، مع التأكيد هنا أن مواضيعها فضلاً عن أشكالها، أصبحت متجاوزة، وهناك عدد من قواعد اللغة يجب إلغاؤها، بل الاستغناء عنها، وأشير في هذا الصدد أن هناك كتابات كثيرة أنجزت في موضوع تجديد النحو العربي، وتشكل بالنسبة لي دعامة أساسية للشروع في إنجاز كتب جديدة، وقد طرحت في أغلب جلسات المجامع اللغوية العربية، إلا أنها لم تجد بعد طريقها إلى التنفيذ، ويكفي في هذا الإطار العودة إلى الكتب النحوية الفرنسية التي ظهرت في بداية وأواسط القرن الماضي، وكيف تطورت خلال السنوات الأخيرة مادة ومضموناً وإخراجاً. ومن بين مهام المؤسسة اللغوية البحث في طبيعة اللغة العربية ومضامينها، أي: - تجديد طرق التعليم وأساليبه، مما يتطلب إعادة تكوين المعلمين للتعرف على الطرق التربوية الجديدة، واعتماد الأدوات المعلوماتية والحاسوبية لدعم المعرفة المدرسية، إذ لم يصر من اللائق ونحن في الألفية الثالثة أن نعتمد طرقاً بداغوجية تقليدية لتعليم جيل المرحلة الرقمية والحاسوبية، وما أصبح يتوفر عليه من معلومات، أو ما يمكن أن يحصل عليها بكل سهولة، هذا بالإضافة إلى تجديد الكتب والمعاجم المدرسية. كل هذه النقاط ذات الصلة بتطوير اللغة، والحفاظ على مقوماتها الأساسية، تحتاج أولا إلى تغيير الرؤية المتخلفة التي ترسبت في الأذهان حول اللغة الوطنية، إذ ما زالت النخب ذات التكوين الأجنبي، والثقافة الأجنبية تنظر إلى اللغة العربية نظرة احتقار وازدراء، والإدعاء بأنها غير ملائمة لثقافة العصر، من دون تفكير أو روية، ومن دون وعي بأهمية اللغة الوطنية في مجال التنمية الوطنية والبشرية، كما هو الشأن بالنسبة لكل الدول المتقدمة التي تضع لغاتها الوطنية في مقدمات جل مهامها تطويراً وتدريساً وبحثاً علمياً وإشعاعاً، وتسعى لتحتل وجودها على الصعيد الدولي، وفي مجتمع اقتصاد المعرفة. لا توجد دولة من دول العالم تعادي لغتها الوطنية، أو تبحث عن بديل عنها، وحتى الدول التي فقدت لغاتها الوطنية بسبب ظروف تاريخية، أو هيمنة أجنبية، عادت لإحياء لغاتها الأصلية، والدفاع عنها، والتشبث بها. وبالنسبة للغة العربية، على الرغم من مراحل الانحطاط، والهيمنة التركية والأنجليزية والفرنسية، ومحاربتها محاربة مكشوفة، ظلت تقاوم، لكونها تملك مقومات المقاومة، بتراثها اللغوي ومعاجمها وحضارتها وأدبها، والإشكال الذي تعاني منه اللغة العربية يوجد في نماذج معينة من أهلها الذين تكونوا بلغات ثقافات أجنبية، وفقدوا صلتهم باللغة العربية، أو عدم تمكنهم منها، حيث باتوا يعادونها ويطرحون بدائل عنها، من دون وعي بقيمة اللغة ودورها في التنمية الوطنية والاقتصاد الوطني، إذ لا مجال لتحقيق أي نهضة أو تقدم في غيابها، ولأن اللغة في ارتباط متين بالإنسان وواقعه. إن لمن الإجحاف الشديد إنكار كل التقدم الذي حققته اللغة العربية في النصف الثاني من القرن الماضي علماً وأدباً وبحثاً علمياً، على الرغم من تعثرها في مجال التعليم، بسبب إقصائها المتعمد من المنظومة التعليمية والتربوية، مما أدى إلى عدم تجديد طرقها، وإذا ما تحدثنا عن وجود أزمة لغوية، فإنها ترتبط بالتخلف والانحطاط الثقافي، وجمود البحث العلمي، وتدهور البنيات الاقتصادية، وفي هذا التخلف يكمن ما نعاني منه من جهل وانتشار الأمية، وكل الأبحاث العلمية في مجال اللغة تؤكد أن مظاهر التخلف تنعكس على وضعية اللغة، أي لغة مهما كانت قوية، وأن المعالجة الحقيقية للأزمة اللغوية تبدأ بتحليل البنيات الاقتصادية وأسباب ضعفها وتخلفها. اللغة العربية والتطورات التكنولوجية هنا لا بد من الإشارة إلى أن التطورات التكنولوجية على قاعدة الميزة الإلكترونية قد ألغت الفوارق بين اللغات وحروف كتابتها، وأصبح التعاطي معها على قدم المساواة، لا فرق بين لغة تكتب بحروف لاتينية أو بحروف مغايرة، كيفما كانت أشكالها، إذ منذ اعتماد لغة الترميز الموسعة (XML) (Extensible MarKup Language) (Langage de Balisage Extensible) معياراً أساسياً، وقائم الذات ولكونه من البرمجيات والأجهزة المستقلة لنقل البيانات وتخزينها على صفحات الشابكة (الأنترنيت)، هذا بالإضافة إلى اعتماد الشفرة الموحدة للحروف اليونيكود (unicode)، وهي مجموعة من محارف قاعدية تحتوي على جميع حروف لغات العالم، وبهذا أضحت برمجيات وأدوات التطوير للشابكة العنكبوتية أكثر ملاءمة للنطاق الدولي، واستخدام اللغات المختلفة، كيفما كانت طبيعتها، أكانت تكتب من اليمين أم اليسار أم العكس، ولم تعد بحاجة إلى إنشاء برمجية أساسية لها. لا شك أن هذا التطور التكنولوجي الإليكتروني قد ألغى ودحض كل الآراء والمواقف التي كانت تروج في الشرق في بداية القرن الماضي، وبالأخص في الأربعينيات منه، مفادها أن حروف اللغة العربية بذاتها تشكل عوائق جوهرية أمام التطور التكنولوجي والصناعي، بل على العكس، أصبح التطور التكنولوجي والصناعي والإلكتروني يسهم في حل ما كان يعتبر عوائق أمام تطور اللغات والعلوم واكتساب المعرفة. المحتوى الرقمي، وتطور المحتوى الرقمي العربي يعد المحتوى الرقمي من أهم التطورات التي عرفتها الشابكة العنكبوتية، إذ يضم كمّا هائلاً من المعلومات في شتى حقول المعرفة، من علوم إنسانية وبمختلف فروعها، هذا بالإضافة إلى العلوم التطبيقية والنظرية، وكل ما يمس عالم المال والاقتصاد والطب، وكل ما يحيلك إلى مواقع المكتبات ومواقع الجامعات، ومراكز الأبحاث؛ وما إلى ذلك، والمحتوى الرقمي بهذا المفهوم يسعى إلى تخزين المعلومات بكل أنواعها: الثقافة والعلوم ومواد اللغة الوطنية نحواً وصرفاً وبلاغة، وذلك للحفاظ على التراث في شموليته، في أفق تطوير المجتمعات وتنمية اقتصادها، إذ لا يقف الأمر عند حدود ما هو ثقافي، حيث يمس التجارة وتطور الاقتصادات، وتداول معطياتها على الصعيد الدولي، أي الوصول إلى اقتصاد المعرفة. وعلى قاعدة لغة مكتملة التكوين بكل قواعدها النحوية والصرفية والمصطلحية. ومن بين المشاكل التي تم إيجاد حلول لها على سبيل المثال ما يمس صناعة المحتوى الرقمي العربي وتطويره. لم تعد هذه الصناعة قضية عربية، بل قضية عالمية، وهذا ما تم تأكيده في إعلان المبادئ الصادرة عن المرحلة الأولى من القمة العالمية لمجتمع المعلومات في جنيف كانون الأول/ ديسمبر 2003، أي ضرورة إيلاء الأولوية في بناء مجتمع المعلومات لتعزيز المحتوى الرقمي بشتى أنواعه: التربوي والعلمي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والترفيهي، وتطوير المحتوى الوطني ليتلاءم والاحتياجات المحلية، من حيث اللغة والثقافة والعلوم، ومن بين ما أكد عليه الإعلان، ضرورة بناء مجتمع المعلومات، ولكن على أساس احترام الهوية الثقافية، والتنوع الثقافي واللغوي، وفي هذا الإطار جاءت مبادرة الإسكو، (Escwa) (Economie and Commission for Western Asia) لإطلاق مشروع إنجاز المحتوى الرقمي العربي في أواخر عام 2003. تبرز أهمية المحتوى الرقمي العربي كما يؤكد على ذلك أغلب الخبراء في توليد المعرفة، وتوسيع استثمار منظومات تكنولوجية المعلومات، وتسخيرها لأهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومراميها، وهذا بالذات ما أقره التقرير الموسع للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا الصادر عن الأممالمتحدة سنة 2005. وفيما يتعلق بإنجاز المحتوى الرقمي العربي، فإنه يستدعي وضع استراتيجة عربية شاملة لصناعته، وحث كل الأقطار العربية للاشتغال في هذا المشروع الضخم، بما تملك من معطيات أدبية وعلمية وثقافية واقتصادية. وما يعطي قيمة مضافة لكل ذلك، كون اللغة العربية تعد لغة رسمية في جميع الأقطار العربية من دون استثناء، وهذا ما يؤهلها لتصبح سوقاً غنية بإنتاجاتها معرفة واقتصاداً، ولأن عدد متكلميها حالياً يتجاوز حالياً 350 مليون نسمة، هذا بالإضافة إلى ملايين من المهاجرين والمغتربين في أغلب دول العالم المرتبطين بلغتهم الوطنية، فضلا عن الباحثين والمتعلمين من الأجانب الذين تعلموا اللغة العربية، وبذلك يزيد عدد متكلميها إلى أكثر من 700 مليون نسمة، ودون نسيان عدد المرتبطين بها روحياً، وهم يتجاوزن الآن 1.270.000 نسمة. تبرز في هذا السياق أهمية إنجاز المحتوى الرقمي العربي في عصر المعلوميات، وهو بذلك يكتسي أولاً، دخول مجال صناعة تكنولوجية المعلومات والاتصالات، وثانياً، التوجه نحو مجتمع المعلومات والمعرفة، وثالثاً، خلق فرص عمل جديدة في مجال التعليم، وخدمات الثقافة ووسائطها من تلفزة وإذاعة وموسيقى وفنون وترفيه. ومن أسس المحتوى الرقمي العربي وقواعده: - تجميع المكتبات الوطنية وتخزينها لجعلها متداولة على نطاق واسع، وهذا ما يدعو إلى إقامة تعاون جبار ومثمر بين مختلف الحكومات العربية والمؤسسات الوطنية. - تدوين وتسجيل كل ما له علاقة باللغة العربية، بما في ذلك النصوص الأساسية للأدب العربي قديمه وحديثه، والصور والأفلام والأغاني، والوسائط المتعددة، والبرمجيات التفاعلية، والمعاجم العامة والمتخصصة، وثنائية اللغة. - تسجيل الوثائق والملفات العامة والخاصة؛ - تسجيل تحف المتاحف العربية؛ - تسجيل المجلات والدوريات والجرائد على اختلاف أنواعها. يتيح هذا الإنجاز الرقمي العربي الوصول إلى المعرفة بسهولة تامة، مما يحقق تقاسم المعرفة بين المواطنين، وكل الذين يتكلمون اللغة العربية داخل أوطانهم أوخارجها، مما يؤدي إلى إغناء القواسم المشتركة للمعرفة العربية، سواء تعلق الأمر بالتكوين، تكوين التلاميذ في المدارس وطلاب الجامعات، هنا بالإضافة إلى أن إنجاز المحتوى العربي سيمكن الجميع من استثمار أدوات المعرفة داخل الأجهزة الحكومية، أو المؤسسات العلمية، والنفاذ إلى تكنولوجية المعلومات والاتصالات، وإتاحتها لجميع الفئات المتعلمة. ويجب أن نسجل في هذا المنحى أن استخدام الشابكة الدولية، أي الشبكة العنكبوتية قد عرف تطوراً مطرداً خلال العشر سنوات الأخيرة على الصعيد العالمي، إذ لوحظ في هذا الصدد أن مستخدمي الأنترنيت عربياً قد تجاوز 60 مليوناً، ويوجد المغرب في مقدمة الدول العربية حسب آخر الإحصائيات بجانب مصر والسعودية. لا شك أن هذا التطور وما يحمله من إيجابيات، لا يقف فقط عند المعرفة الثقافية واللغوية، بل يتجاوز إلى كل ما يمس عالم التجارة والاقتصاد والشركات، سواء في القطاع العام أو الخاص. ومن بين التطورات التكنولوجية الهائلة، إنجاز المشكل الآلي الذي أصبح بإمكانه تشكيل النصوص العربية. هذا بالإضافة إلى المحلل الصرفي والمدقق الإملائي والناطق الآلي والمترجم الآلي. ومن بين المشاريع المطروحة حالياً فيما يتعلق بالمحتوى الرقمي العربي : - هناك مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز للمحتوى العربي التي أعلن عنها في نهاية سنة 2007، وقد تكفلت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بتفعيل هذه المبادرة فيما يخص المحتوى، لتدخل مجال التطبيق الفعلي، مستفيدة من تجارب دولية، وما قدمته من تطبيقات في شتى مجالات المعرفة والاقتصاد والتجارة، وقد سارت سورية في النهج نفسه، حيث عقدت أول مؤتمر وطني، في منتصف شهر يوليو من سنة 2009، وذلك لوضع استراتيجة عملية لصناعة المحتوى الرقمي العربي، شاركت فيه بعض الدول والمؤسسات العربية، بالإضافة إلى منظمات دولية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن أشغال هذا المؤتمر قد تمت في ضوء ما أنجز على المستوى المحلي من مواقع تهم التراث والثقافة السورية. تعد هذه البدايات بجانب مشروع الجامعة العربية الذي انحصر في النتاج اللغوي، وإيجاد بنك النصوص، وما تضمنه من أمهات الكتب العلمية والأدبية والتقنية، ووضعها في موضع الشابكة، مواد أساسية لإثراء المحتوى العربي الشامل، ولو أنها حالياً لا تتعدى حدود مواقع الشابكة الدولية. تدعو كل هذه المشاريع إلى إغناء المحتوى الرقمي العربي، وهذه مسؤوليات الحكومات العربية التي عليها أن تضع استراتيجية المحتوى ضمن مهامها، مما يفرض تهيئة بيئية تشريعية وقانونية بجانب تأهيل الأطر البشرية لذلك، وإدماج المجتمع المدني المهيأ أصلا للمشاركة في إثراء المحتوى، بجانب الجامعات ومراكز الأبحاث والمجامع اللغوية، والمكتبات الوطنية، والمنظمات الإقليمية. تفرض هذه المشاريع: - إعادة النظر في أساليب تعليم اللغة العربية وأوضاعها، والاشتغال بها، كمادة كل المواد المقررة، وإلغاء اعتبارها مجرد مادة لغوية ضمن مجموع المواد المقررة، لأن مشروع المحتوى هو مشروع المستقبل الواعد، قاعدته اللغة العربية القابلة للتطور والمعالجة الآلية، مشروع حضاري يتيح المجال لاستخدام العربية على أكثر من مستوى تعليماً وتدريساً وبحثاً وأكاديمياً، وبأسرع ما يمكن، يطوي المسافات في زمن قصير جداً، بتسهيل المعرفة الشاملة، كما أن اللغات الأجنبية ستجد في اللغة العربية مرتعاً خصباً للتداول، هذا بالإضافة إلى أن اللغة العربية ستمكن مستعمليها من الدخول إلى عالم المعرفة بواسطة الترجمة هذا بالإضافة إلى ما يستخدم في هذا الصدد من أساليب حديثة، أي الترجمة الفورية عبر الحاسوب من دون معلم، كل هذه الإمكانات ينبغي استغلالها للولوج إلى المعرفة واقتصاد المعرفة. يجب في هذا الصدد عدم قلب الموازين، والالتجاء إلى مشاريع التخلف، لأن الأزمة اللغوية تكمن في مظاهر التخلف من جهة، وانعكاسها على المضامين التقليدية القابعة في البرامج التعليمية من جهة أخرى، ومن الطبيعي أن يمس هذا الواقع مستوى البحث العلمي ومردوديته، كما يمس بالتوالي تسيير الإدارة ومؤسسات الدولة... قد يحلو للبعض اتهام اللغة، أي لغة بالضعف أوالتخلف، بوعي مقصود أو من غير وعي، وهم في جميع الحالات يتجاوزون كل قوانين التطور، ومعطيات علم الاقتصاد والاجتماع وعلوم التربية، وذلك للتغطية على العجز الخاص في الوقائع المجتمعية الموجبة للسقوط، أي المؤدية للتخلف والناتجة عنه. لذا من غير المعقول التركيز على أزمة اللغة دون ربطها بأسباب التخلف وعوامله، إذ أن اللغة تنهض بنهوض الاقتصاد، واستثمارها بحس وطني، يساعد على تقويتها من جهة، ويسهم في ازدهار مقومات التنمية الوطنية، وبنيات مؤسسات الدولة وتوجهاتها، وأساليب ممارستها اليومية والإدارية، من جهة أخرى، سواء تعلق الأمر بالسلطة التنفيذية أو التشريعية، مما ينعكس بالضرورة على الحالات الثقافية واللغوية. لا شك أن عدم ربط الأزمة اللغوية وتعدديتها بالقضايا الاقتصادية والإقليمية والوطنية، يعمق من أبعادها، ويعرقل أكثر كل خططها، ويجرنا إلى الخلف في أثناء معالجتها. تقودني هذه الرؤية إلى تأكيد أن الأزمة اللغوية ليست منفصلة عن أزمة التخلف، وليست مرتبطة بذات اللغة، فاللغة قابلة للتطور باعتبارها كائناً حياً، وقابلة للتعايش مع أعقد التقنيات الحديثة لقدرتها على الاستيعاب، وارتباطها بكل ما هو ثقافي وحضاري وعلمي. وفوق هذا وذاك فإن اللغة العربية في هذا المضمار وضمن وظائفها الثقافية والعلمية، تعد لغة العلم في المدرسة والجامعة والبحث العلمي، لكونها ترتبط بنصوص وتراث الحضارة الإسلامية والعربية، كما تربطنا بكل من يتكلم اللغة العربية في أرجاء العالم، وليس فقط في العالم العربي، وتطور اللغة العربية يؤكد كل هذه التوجهات. كما أود أن أؤكد أن إقحام العامية في الدرس اللغوي أو العلمي، يعني إبعادها عن وظيفتها الأساسية، لأن بنيتها اللغوية غير مؤهلة أصلا لذلك، لا في مجال الإصلاح التربوي، أو مجالات اللغة، أو المعجم، ونظراً لكونها لغة شفوية غير مؤهلة للتكوين أو التفكير العلمي، وكما هو الشأن بكل العاميات في البلدان العربية، وفي هذا السياق يحب عدم إسقاط تجربة اللغات الأوروبية على واقع العاميات في العالم العربي، لأن هناك فرقاً شاسعاً بين الأمرين، والفرق الأساسي هو أن اللغة العربية حافظت على أنساقها اللغوية، وخضعت للتطور في سياقها الخاص بها، وأضحت لغة التأليف والكتابة والدرس المدرسي والجامعي، والممارسة الإعلامية، على عكس العامية نجد وظيفتها منحصرة في التداول اليومي والمعيشي، إلا أن هذا لا يمنع من البحث فيها لغوياً، لمعرفة القواسم المشتركة، وهنا يتجلى دور الباحثين اللسانيين والاجتماعيين والمهتمين بدراسة اللهجات، وفي ضوء دراساتهم يمكن بحث أي علاقة بين العربية والعامية، وبحث نقط التقاطع والتوافق بينهما. وعلى أساس احترام وظائف كل لغة. الدعوة إلى العامية أهدافها ومقاصدها ؟ وفي الأخير، وعلى الرغم مما أوضحته آنفاً، لابد من الوقوف عند مجمل الأصوات المتهافتة الداعية إلى ترسيم اللهجة العامية، وتحويلها إلى لغة الكتابة والدرس المدرسي، وهذه الدعوة ليست حديثة العهد، إذ بدأت منذ أواخر القرن التاسع عشر، وليس غريباً أن يتزعمها أجانب، وعلى سبيل المثال كان أول متزعم لها الألماني ويلهلم سبيتا (Wilhelm Spita)، وقد تمكن من خلال دراسته للهجة العامية المصرية من وضع قواعد لها سنة 1880، وكان أول من دعا إلى اتخاذ الحروف اللاتينية في الكتابة بدل الحروف العربية. ثم جاء بعده الأنجليزي ويليام ويلكوكس (William Willcocks) وكان مهندساً، زراعياً بالقاهرة، ويعد من بين المتحمسين للدعوة للعامية منذ سنة 1893، وقد عبر بوضوح عن ذلك في محاضرة ألقاها بالقاهرة سنة 1926، مؤكداً حسب هواه: "إن أهم ما يمنع المصريين من الاختراع هو أنهم يكتبون ويؤلفون باللغة العربية الفصحى، ولو ألفوا وكتبوا بالعامية لأعان ذلك على إيجاد ملكة الابتكار وتنميتها". ثم جاء بعد ذلك الألماني مارتان هرتمان (Martin Hertman)، ونشر في إطار دعوته بحثاً تحت عنوان: أهمية خواص الكلام الدارج، نشر في مجلة المشرق اليسوعية سنة .1889 ومن الإنصاف أن نقول إن أغلب المستشرقين من بينهم بلاشير (R.Blachère)، وشارل بيلا (Charles Péllat)، وجاك بيرك (Jacques Berque)، وأندريه ميكل (André Miquel) لم يكونوا مع تيار الدعوة إلى العامية، وقد تمكنوا من اللغة العربية، وحققوا بها كتباً تراثية كما قاموا بترجمات هائلة دينية وفكرية وشعرية، وعملوا على إشاعتها؛ وأشير هنا عرضاً إلى جماعة من المبشرين بيروتستانت، سبق لهم أن أسسوا الكلية الإنجيلية السورية سنة 1886، حيث تم اعتماد التدريس باللغة العربية، وتحولت هذه الكلية فيما بعد إلى ما صار يعرف بالجامعة الأمريكية، وكان من بين الأعمال الأولى التي قامت بها هذه الجماعة أن تولى عضوان من أعضائها هما غيلان سميت (Smith) وفان دايك (Van Dyck) ترجمة الكتاب المقدس، بالتعاون مع كل من ناصف اليازجي، وبطرس البستاني، كما قاموا في الوقت نفسه بترجمة عدد كبير من روائع الآداب العالمية إلى اللغة العربية الفصحى. لم يقف الأمر عند الأجانب الذين نَظَّروا للهجات العاميات في أغلب الأقطار العربية، إذ انضم إليهم عدد من الكتاب العرب والأدباء، وأغلبهم لا علاقة له بالبحث اللغوي، أو أي معرفة لسانية بأصول اللغة العربية، وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: عيسى اسكندر المعلوف، وأسعد داغر والخوري مارون، وسعيد عقل، وأنيس فريخة، وقاسم أمين، وأحمد لطفي السيد، وعبد العزيز فهي، وسبق لهذا الأخير أن اقترح كتابة الحروف العربية باللاتينية، وهناك كتب كثيرة في هذا المجال، ولقد انضافت إلى هذه الجوقة التاريخية أسماء جديدة أذكر من بينهم : آلان بنطوليلة (Alain Bentolila) ودومنيك كوبي (Dominique Goubier)، وكرو ريشارد (Grorichard) . إلا أن ما يميز هذه الأسماء الأخيرة هو مجال تخصصها اللساني، والحوار معها ينبغي أن يكتسي صيغة علمية في ضوء دراسات ميدانية لغوية سوسيولوجية، سواء بواسطة الترجمة، أو ما يمكن أن تستورده من الثقافة الشعبية واللغة العامية، وفي ضوء وظيفتها الشفوية، لا الكتابية أو العلمية. إن إحلال العامية محل اللغة العربية، ليست عملية بسيطة تخضع للأهواء والرغبات والنزعات، وأشبها هنا بمن ينتظر البحر أن يرحل، إذ سيظل ثابتاً بكل ما يحمله من قوة وعنفوان. يحاول من يكتب في هذا الصدد أن هناك صراعاً بين العربية والعامية، والأمر ليس كذلك، فالأولى لها وظائفها العلمية والأدبية والتدريسية داخل منظومة فكرية ولسانية، وذات نفوذ تاريخي أصيل، والثانية لها وظائفها التداولية بين مختلف الفئات الاجتماعية في كل بلد على حدة. تقدم بعض الحجج الواهية، بأن اللغة العربية لغة الدين والتراث، وهذا إجحاف حقيقي ومغرض، مع أنها ساهمت في نقل فروع المعرفة إلى أوروبا، وتم بها تأليف مختلف العلوم، من فلسفة ومنطق وتاريخ وجغرافية وطب وآداب بكل أنواعها، وانفتحت على العلوم النظرية والتطبيقية، لما لها من قدرة على الاشتقاق والتوليد، وما كتب بها يظهر مدى قدرتها على تطوير أساليبها. إن أي بلد في إطار منظومته التربوية والتعليمية، وفي إطار أي تخطيط لغوي يسعى ليرتبط ارتباطاً عضوياً بالتنمية الوطنية لاقتصاده، والنهوض بالمرافق الحيوية لنهضته الحضارية والحداثية، وما يؤسس له من انتقال ديمقراطي، وسياسة تعليمية جديدة، تفرض عليه كل هذه الحيثيات أن يضع خطوطاً. وعلامات بارزة لظاهرة التعدد اللغوي. فإذا كان دستور البلاد ينص بوضوح تام أن اللغة الرسمية هي اللغة العربية، لاعتبارات متعددة، ولكونها تشكل علامة متميزة في صيرورة التاريخ والحضارة وفي ضوء علاقتها القائمة مع محيطها الإقليمي والعربي، وبما تتمتع به من قيمة علمية/تراثية ووطنية، وانعكاسها الشديد على وعي المتكلمين بها، وارتباط الجمهور بها، وهذا الارتباط لا يقف فقط عند الحس الوطني، إذ يمتد إلى ما له علاقة بالتنمية الوطنية، وهذا الترابط لا تبرز فعاليته إلا في سياق اللغات الوطنية. إن الإشكال اللغوي الذي نتخبط فيه في ضوء التعددية اللغوية أو الازدواجية اللغوية، يتحدد في التمييز السلبي بين اللغات، سواء في المدرسة أو المجتمع، يبرز هذا التمييز أكثر عندما يتعلق الأمر بالإدارات ذات الاتصال بأوسع الفئات الاجتماعية، حيث يتم إبعاد اللغة الوطنية من الممارسة، مما ينعكس حتماً على واقع التداول في المدرسة والجامعة، وهنا أود التأكيد أنه لا إشكال إطلاقاً في تعلم لغات أجنبية، لكونها أضحت ضرورة من ضرورات العصر وسلاحاً معرفياً، ولكن هذا الواقع لا يدعو إلى إقصاء اللغة الوطنية، مما يفرض تدبير السبل الناجعة في الدرس اللغوي، كما هو الشأن بالنسبة لكل أقطار العالم التي تضع لغاتها الوطنية في الواجهة الأمامية وترفض ما عداها، حيث تعتبرُ اللغات الأجنبية في هذا الصدد مكملة لثقافتها وحضارتها ومكوناتها الأساسية، والانفتاح على ما تقدمه من تقدم في مجال العلوم والتكنولوجية الحديثة. إذا كيف يمكن تدبير تعلم اللغة الوطنية بموازاة تعلم اللغات الأجنبية في المدرسة المغربية والحفاظ على مستويات المعرفة ؟ يطرح هذا التساؤل جوهر إشكالية كل التدابير التي اعتمدت لمعالجة قضية تعليم اللغات، ومما يلاحظ في هذا الصدد أنه لم تكن تراعى في سياقها، وضع اللغة الوطنية في العملية التعليمية والتربوية، إذ لا توجد أمة من الأمم في أنحاء العالم تتجاوز لغاتها الوطنية، لا حباً فيها، بل لكونها قاعدة الفهم والإنتاج والتواصل وتراكم المعارف، وارتباطها بتاريخها وحضارتها وثقافتها. وفي هذا السياق، فإن كل الدول وضمن مناهجها التربوية تعتمد سياسة لغوية واضحة المعالم، أي الانطلاق من اللغة الوطنية، والتدرج الدقيق لإدراج تعليم اللغات الأجنبية حسب أوصافها وقواعدها، ووفق المستويات الدراسية المطلوبة، مما يفرض بالضرورة اعتماد مقاربة دهنية ونفسية في علاقتها بالقدرات الذهنية للطفل. يضمن هذا التدرج في العملية التعليمية الذي يعتمد أساساً اللغة الوطنية، السبيل الأوضح لاكتساب اللغات الأجنبية والشعور بالطمأنينة والأمن اللغوي، الأمر الذي يصعب تحقيقه، من دون الرفع من مكانتها لدى التلاميذ والطلاب والباحثين، بما في ذلك الجمهور الواسع الهادف إلى تحقيق تنمية بشرية وطنية.