لا شك أن كثيرا من السيدات المغربيات اللواتي تابعن الحملة الانتخابية الأمريكية وما بعدها ، سيشعرن بكثير من الغيرة تجاه السيدة ميشال أوباما ، التي ستصبح سيدة أمريكا الأولى ، بعد أن يتسلم زوجها باراك أوباما مفاتيح المكتب الرئاسي في البيت الأبيض يوم 20 يناير من السنة القادمة . "" غيرة السيدات من ميشال أوباما ، ستكون نابعة بطبيعة الحال من الدلال والاحترام الكبير الذي يحيطها به زوجها ، وأيضا من قوة شخصيتها التي تسمح لها بالحديث عنه كما يحلو لها ، لدرجة أنها تجرأت على نعته بالرجل الفوضوي الذي لا يعرف حتى كيف يرمي جواربه المتسخة في سلة الغسيل ! ومع ذلك لا يغضب منها "السيد الرئيس" ، بل يزداد تعلقا بها ، ولا يتوانى عن مدحها أمام وسائل الإعلام ، ويصفها بأنها "صخرة حياته" . زعما هي اللي بنات الأساس ديال حياتو . ويستجيب لكل الشروط التي تفرضها عليه ، حتى أنها لم تسمح له بدخول غمار السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض إلا بعد أن تعهد لها بتخصيص يوم في الأسبوع للبقاء إلى جانب ابنتيهما الصغيرتين ساشا و ماليا ، وبالطبع البقاء بجانبها هي أيضا . هادي هي المرا ديال الحديد وإلا فلا ! في المغرب بمجرد أن يصعد نجم أحد السياسيين ويحمل حقيبة وزارية ، يكون أول ما يفعله هو تطليق زوجته القديمة ، والبحث عن زوجة جديدة تليق بالظهور إلى جانب سعادته في المناسبات الرسمية ! طبعا ماشي كلشي كايديرها ، ولكن هناك حالات ذهبت فيها زوجات السياسيين ضحية للنجاح السياسي لأزواجهن . وفي الوقت الذي نرى فيه المرأة الغربية تنافس الرجل الغربي بشراسة في ميدان السياسة ، حيث شاهدنا كيف خاضت سيكولين روايال معركة حادة مع نيكولا ساركوزي ، ونافست هيلاري كلينتون باراك أوباما حول من سيترشح باسم الحزب الديمقراطي ، ووقفت سارة بلين بشجاعة إلى جانب جون ماكين ، في الوقت الذي تقود فيه أنجيلا ميركل ألمانيا بعزيمة من حديد ، فإن المرأة السياسية المغربية كل ما تستطيع أن تفعله كي تصل إلى منصب ما ، هو أن تطلب "كوطا" ، أو حصة من المقاعد مع اقتراب كل انتخابات . هادو دياولنا بغاو المساواة غير بالفم . المثير في الحياة السياسية الغربية هو أن المسؤولين هناك ، ورغم الجدية التي يشتغلون بها ، يتمتعون أيضا بروح على قدر كبير من الدعابة والمرح . فإذا كانت ميشال أوباما تسخر من زوجها بدون حرج أمام وسائل الإعلام وتفضح تصرفاته الطائشة داخل البيت ، فجون ماكين ، الذي يملك وجها بتقاسيم كتقاسيم الضباط العسكريين ، لم يتردد في السخرية من نفسه أمام الأمريكيين في أول ظهور له على التلفزيون عقب هزيمته أمام أوباما ، وقال بأنه أصبح الآن كطفل صغير ، ينام ساعتين ثم يستيقظ ويبكي ، ثم ينام مرة أخرى . هل هناك سياسي مغربي واحد يستطيع أن يتحدث عن نفسه بهذه الطريقة الساخرة ؟ مستحيل . هل هناك سياسي مغربي واحد يمكن أن يسمح لزوجته أن تتحدث عنه بصراحة وتفضح تصرفاته أمام الرأي العام وتقول بأن رائحة فمه تكون مقرفة عندما يستيقظ في الصباح مثلما تفعل ميشال أوباما مع زوجها الرئيس ؟ مستحيل . علاش ؟ لأن السياسيين المغاربة جديون جدا ، وصارمون أكثر من اللازم ، ووجوههم لا يفارقها العبوس والتجهم ، باش يخلعو الشعب . يحدث هذا طبعا عندما يظهرون أمام الناس على شاشة التلفزيون ، وعندما يدخلون إلى مكاتبهم ، حيث لا يراهم أحد سوى الله ، يتخلصون من جديتهم وصرامتهم المزعومة ، وكايبقاو عاطينها غير للضحك . يضحكون علينا طبعا وهم شامتون ! وأكبر مثال على ذلك ، هو ما يقوم به السادة النواب داخل برلمانهم الموقر ، حيث يصرخون في وجوه بعضهم البعض ، وعندما يصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريره حول تلاعب عدة مسؤولين في مؤسسات عمومية بالمال العام ، وينتظر منهم الشعب أن يشكلوا لجانا للتقصي ، يضربونها بسكتة ، وكأنهم غير معنيين بالأمر . نفس الصمت يلتزم به السادة النواب أيضا ، عندما تمر بعض الميزانيات السنوية أمام أعينهم ، وعلى رأسها ميزانية القصر والجيش ! ومع ذلك نسمع عن وجود تيار في حزب الاتحاد الاشتراكي يطالب بالملكية البرلمانية . فيناهو بعدا البرلمان آلرفاق ! [email protected]